قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

سعيد الزغبي: الفاشر على حافة الانهيار.. وانزلاق الأوضاع قد يقود إلى إبادة وتفكك شامل في دارفور

السودان
السودان

في الوقت الذي تتحول فيها مدينة الفاشر إلى بؤرة جديدة للأزمة السودانية، وسط تصاعد غير مسبوق في حدة العنف والانهيار الإنساني، تلوح في الأفق مخاوف من انزلاق الإقليم نحو مرحلة كوارثية تهدد بتغيير خريطة دارفور سياسيًا وجغرافيًا.

فمع استمرار الحصار ونقص المساعدات وتفشي الانتهاكات ضد المدنيين، باتت الفاشر بحسب مراقبين  على أعتاب واحدة من أسوأ الأزمات في تاريخ السودان الحديث.

وفي هذا السياق، حذر أستاذ السياسة الدكتور سعيد الزغبي من أن ما تشهده المدينة اليوم يتجاوز مجرد صراع مسلح، ليصبح نقطة تحول خطيرة قد تؤسس لانقسامات إثنية وجغرافية عميقة، مشيرًا إلى مجموعة من السيناريوهات المحتملة لمستقبل الإقليم في ظل غياب ردع فعال وتراجع الاهتمام الدولي.

سعيد الزغبي: الفاشر دخلت مرحلة كوارثية.. والخطر تجاوز حدود العنف العابر إلى انقسام إثني وجغرافي

قال أستاذ السياسة سعيد الزغبي إن مدينة الفاشر دخلت مرحلة كوارثية غير مسبوقة، بعدما خضعت لحصار طويل انتهى بسيطرة مسلحة، وسط تقارير مروعة عن عمليات قتل واسعة واغتصاب واستهداف للمرافق الصحية، إلى جانب انهيار شبه كامل للخدمات الإنسانية، في وقت يواجه فيه مئات الآلاف من المدنيين مصيرًا غامضًا بين الحصار والنزوح القسري.

وأكد الزغبي أن هذا النوع من الانهيار لا يمثل مجرد تصاعد للعنف، بل يغير قواعد اللعبة بالكامل، إذ ينذر بتحول الصراع إلى عنف مؤسس لتقسيمات إثنية وجغرافية قد تولد أزمات إنسانية مستمرة يصعب احتواؤها.

وأوضح الزغبي أن هناك خمسة سيناريوهات محتملة لمستقبل هذا الوضع المأساوي في دارفور:

السيناريو الأول: الانزلاق إلى الإبادة

قال الزغبي إن “السيناريو الأقصى” يتمثل في استمرار الانحدار نحو إبادة أو تطهير عرقي، عبر موجات قتل منتظمة، وتطهير مناطق سكانية تابعة لمجموعات محددة، وإحراق مخيمات النزوح، وانهيار كامل لمؤسسات الدولة المحلية.

وأشار إلى أن هذا السيناريو تغذيه إيديولوجيا الإقصاء والقتل، مع غياب أي رادع خارجي فعال، وقدرة الفاعلين المسلحين على السيطرة على الموارد والطرق، وصعوبة وصول المساعدات الإنسانية.

السيناريو الثاني: التجميد والتقسيم

أضاف الزغبي أن هذا السيناريو يقوم على تجميد الصراع مع تفكك إداري طويل الأمد، من خلال سيطرة فصائل مسلحة على مناطق واسعة وظهور سلطات موازية، إلى جانب نزوح دائم وعنف دوري دون الوصول إلى مستوى الإبادة اليومية.

ويرى أن هذا الوضع قد ينتج عن استنزاف الأطراف المتحاربة، ووجود توازن قوى محلي أو إقليمي يمنع هجمات شاملة، مع تراجع الاهتمام الدولي تدريجيًا.

السيناريو الثالث: التفاوض الإنساني

وأوضح الزغبي أن هناك احتمالًا لظهور اتفاق محلي مؤقت يفتح ممرات إنسانية، نتيجة ضغوط دولية وإقليمية تفرض هدنة محدودة تشمل تبادل أسرى وتوثيق الانتهاكات وتحسينًا محدودًا في السلامة المدنية.

وقال إن هذا السيناريو يعتمد على دور فاعل للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، وعلى قدرة المنظمات الإنسانية على التفاوض واهتمام دولي مفاجئ بالملف السوداني.

السيناريو الرابع: التدخل والضغط الدولي

وأشار الزغبي إلى أن هذا المسار يقوم على تحرك دولي واسع يشمل إجراءات دبلوماسية واقتصادية وعقوبات وإحالات للمحكمة الجنائية الدولية، وربما تدابير عسكرية محدودة من قبل تحالف إقليمي.

وأكد أن هذا السيناريو قد يؤدي إلى تراجع قدرة الجماعات المسلحة على الإفلات من العقاب، خاصة في حال توثيق جرائم حرب وإبادة بشكل رسمي.

السيناريو الخامس: إعادة البناء المشروط بالسلام

واعتبر الزغبي أن الحل الطويل المدى يتمثل في هدنة شاملة تترافق مع عملية سياسية وطنية تفتح الطريق نحو إعادة بناء مؤسسات محلية وعودة تدريجية للنازحين، بدعم من برامج عدالة انتقالية ومصالحة مجتمعية.

وأشار إلى أن تحقيق هذا السيناريو ممكن عبر وساطة وإرادة مصرية، إذا توفرت بيئة إقليمية داعمة ومسار سياسي شامل.

وختم الزغبي تصريحاته مؤكدًا أن المشهد في دارفور قابل لمزيد من التصعيد والانتهاكات إذا استمر الفراغ الأمني وغياب الردع الفعال، لكنه شدد على أن هناك مسارات بديلة يمكن أن تفتح أفقًا للأمل، مثل تجميد الصراع، أو هدنة إنسانية، أو ضغوط دولية متسقة.

وقال إن أي تغيير جوهري في المسار الحالي يتطلب إما ضغطًا خارجيًا منسقًا، أو تحولًا داخليًا سريعًا في توازن القوى، أو حلولًا محلية تضمن حماية المدنيين وفتح ممرات الإغاثة.