افتتاح المتحف المصري الكبير ليس حدثا عاديا بل هو لحظة تاريخية مهمة في مسيرة الثقافة المصرية الحديثة.. إنه ميلاد مؤسسة ثقافية عالمية تليق بحضارة مصر التي ألهمت الإنسانية عبر العصور.. وامتداد طبيعي لعراقة المصريين التي لا تنضب جذورها.
فالحقيقة التي يجب أن يتعلمها الجميع أن المتحف لا يمكن اختزاله في كونه مبنى يضم كنوزا أثرية بل هو مشروع وطني ضخم يجمع بين الماضي العريق والمستقبل من خلال توظيف أحدث تقنيات العرض الرقمي والتفاعلي لتقديم تجربة معرفية شاملة عن الحضارة المصرية.
لكن ربما يسأل البعض بعفوية أو عن قصد .. ما الذي يميز المتحف المصري الكبير عن غيره من المتاحف العالمية؟ الإجابة تكمن في القيمة والأرقام معا .. فالمتحف قيمته في اتساع رؤيته الثقافية والعلمية.. فهو أكبر متحف في العالم مخصص لحضارة واحدة.. يضم أكثر من 57 ألف قطعة أثرية تغطي مختلف عصور التاريخ المصري القديم، من ما قبل الأسرات إلى العصور اليونانية والرومانية.
أيضا هو ثورة حقيقية في مفهوم العرض المتحفي.. إذ يستلهم تصميمه المعماري خطوط الهرم وفتحات الضوء الطبيعي التي تبرز جماليات القطع وتعيد للمكان روح الزمان والمكان معا.
أيضا لو تتبعنا التخطيط الداخلي للمتحف نجده مبني على تنظيم زمني وجغرافي دقيق يجعل الزائر يعيش رحلة متكاملة عبر العصور. الخلاصة في الإجابة على هذا السؤال أن القطع الأثرية تتحدث بلغة بصرية ممتعة تسرد التاريخ بوضوح وعمق.. وتحول الزيارة إلى تجربة تفاعلية تلامس المشاعر والعقل في آنٍ واحد.
ومن أبرز ملامح هذا المشروع العملاق عرضه الكامل لمجموعة الملك توت عنخ آمون للمرة الأولى في موقع واحد، باستخدام أحدث تقنيات العرض والإضاءة التفاعلية.
اعتقد ان زيارة المتحف المصري الكبير ستكون خير دليل وشاهد على عظمة هذا الإنجاز .. فالزائر هنا لا يشاهد فقط بل يعيش دهشة الاكتشاف كما عاشها هوارد كارتر قبل قرن من الزمان.