أكد الشاعر الغنائي هاني عبدالكريم أن افتتاح المتحف المصري الكبير يُمثل حدثًا تاريخيًا غير مسبوق في مسيرة الثقافة المصرية والعربية، مشددًا على أن هذا الصرح العالمي سيُحدث نقلة نوعية في الوعي الثقافي والفني، ليس فقط على المستوى المحلي، بل على مستوى العالم بأسره.
وقال هاني في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط إن المتحف المصري الكبير، الذي يُعد الأكبر من نوعه في العالم المخصص لحضارة واحدة، "ليس مجرد مبنى أو تجمع للآثار، بل هو مشروع وطني وإنساني وثقافي شامل يعيد صياغة علاقة المصريين بتراثهم، ويربط بين الإبداع القديم والمعاصر في إطار رؤية حضارية متكاملة".
وأشاد الشاعر الغنائي بحفل افتتاح المتحف المصري الكبير، قائلا: "قدمنا للعالم حفلا يليق بعظمة وتاريخ مصر والمصريين، نستطيع أن نثبت في كل فاعلية وفي كل خطوة جديدة نخطوها بقيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي أن مصر بالفعل هي (أم الدنيا)".
وأضاف أن مصر تدخل بهذا الافتتاح "عصرًا جديدًا من الثقافة والفن"، حيث يلتقي التاريخ العريق مع أدوات التكنولوجيا الحديثة لتقديم تجربة متحفية غير مسبوقة تمزج بين المعرفة والجمال والإبهار البصري.
وشدد على أن "المتحف المصري الكبير ليس مجرد متحف، إنه مشروع دولة وهوية.. هو شهادة على صبر المصريين وإيمانهم بأن الثقافة لا تموت، وأن الفن هو القوة الناعمة الحقيقية التي تصون الأمة وتعرّف العالم بعظمتها".
وأكد عبدالكريم أن المتحف يُعد أحد أعظم الإنجازات المعمارية والثقافية في القرن الحادي والعشرين، إذ يجمع بين التصميم المبتكر والبعد الرمزي، مشيرًا إلى أن موقعه الاستراتيجي المواجه للأهرامات يجعل منه امتدادًا طبيعيًا للحضارة المصرية القديمة، ومنارة ثقافية تستشرف المستقبل.
وشدد على أن أحد أهم أدوار المتحف المصري الكبير هو حفظ التراث الفني المصري القديم وصيانته بأساليب علمية متطورة، مؤكدًا أن المتحف يضم واحدًا من أكبر وأحدث مراكز الترميم في العالم، مجهزًا بتقنيات رقمية وأجهزة دقيقة تسمح بمعالجة القطع الأثرية دون الإضرار بها.
وقال: "لطالما كانت مصر منبعًا للفن والعمارة والنحت والرسم، لكنها فقدت الكثير من كنوزها عبر العصور بسبب السرقة والنهب.. اليوم نحن نستعيد قدرتنا على حماية تراثنا وصياغة روايتنا الثقافية بأيدٍ مصرية خالصة."
وأضاف أن مركز الترميم داخل المتحف، الذي تم إنشاؤه بدعم من الحكومة اليابانية، يعد نموذجًا للتعاون الثقافي الدولي، كما أنه يجذب الباحثين من مختلف دول العالم لدراسة فنون المصريين القدماء وأساليبهم في النحت والرسم الجداري وصناعة الألوان والأحجار الكريمة.
وتابع هاني عبد الكريم قائلاً إن المتحف سيُعيد تعريف العلاقة بين المصريين وتاريخهم، موضحًا أن طريقة العرض الجديدة لا تقتصر على عرض القطع الأثرية بشكل تقليدي، بل تقدم رؤية سردية تُبرز الحياة اليومية والدين والفن في المجتمع المصري القديم، مضيفًا: "الزائر لن يشاهد تماثيل صامتة، بل سيعيش تجربة حضارية كاملة.. سيشاهد كيف كان الفنان المصري القديم يفكر، وكيف كان الجمال جزءًا من فلسفة حياته".
وفيما يتعلق بتأثير المتحف على الفن المصري المعاصر، أكد هاني أن الافتتاح سيشكل مصدر إلهام كبير للفنانين من مختلف المجالات، سواء في الفنون التشكيلية أو السينما أو المسرح أو الموسيقى، مشيرًا إلى أن المتحف لن يكون مكانًا لحفظ الماضي فقط، بل منبرًا للفن الحديث.
وقال: "المتحف سيحتضن فعاليات فنية وثقافية ضخمة، وسيوفر مساحات للمعارض المؤقتة وورش العمل، مما سيتيح للفنانين المصريين التعبير عن أنفسهم من خلال الحوار مع تراث أجدادهم".. لافتا في الوقت ذاته إلى أن دمج الفن القديم بالحديث سيخلق لغة فنية جديدة تُميز المدرسة المصرية في الفن.
وأضاف: "المتحف المصري الكبير سيجعل من الفن المصري المعاصر سفيرًا جديدًا للحضارة المصرية.. وسيشجع الفنانين على استخدام عناصر التراث في أعمالهم، سواء في الأزياء أو الديكور أو التشكيل أو الموسيقى.. هذا التفاعل بين القديم والجديد هو ما يضمن استمرار هوية الفن المصري وتطوره".
وشدد الشاعر الغنائي هاني عبد الكريم على أن افتتاح المتحف المصري الكبير سيكون له انعكاسات اقتصادية وثقافية كبيرة، موضحًا أن مصر ستصبح مركزًا عالميًا للسياحة الثقافية والفنية، وأن الافتتاح سيساهم في جذب ملايين الزوار الجدد سنويًا، وهو ما يعني انتعاشًا غير مسبوق لقطاع السياحة والفنون والحرف اليدوية والصناعات الثقافية.. وبالتالي فإن الفنانين المصريين سيستفيدون من هذا الحراك من خلال إقامة المعارض وبيع الأعمال الفنية والكتب والمنتجات المستوحاة من التراث.
وأضاف أن هذا الحراك الاقتصادي سينعكس أيضًا على قطاع الإنتاج الفني والسينمائي، مؤكدًا أن قرب المتحف من الأهرامات سيجعله موقعًا مثاليًا لتصوير الأفلام التاريخية والوثائقية، مما سيساعد على الترويج لمصر عالميًا كوجهة للإنتاج الفني والثقافي.
كما أشار إلى أن الأثر الثقافي للمتحف يتجاوز الاقتصاد، لأنه يرمز إلى مرحلة جديدة من استعادة مصر لريادتها الثقافية العربية، قائلاً: "المتحف الكبير هو رسالة إلى العالم بأن مصر لا تزال منارة للحضارة والفكر والفن.. نحن لا نعرض الماضي فقط، بل نصنع المستقبل من خلاله".
وأضاف أن الدولة المصرية تسعى من خلال هذا المشروع إلى تعزيز الهوية الوطنية لدى الأجيال الجديدة، عبر برامج تعليمية وتوعوية بالتعاون مع المدارس والجامعات، موضحًا أن المتحف سيصبح مركزًا للبحوث والدراسات في مجالات الفن والآثار والتاريخ والثقافة.
وأشاد هاني عبد الكريم برؤية القيادة السياسية التي تولي اهتمامًا كبيرًا بالفن والثقافة باعتبارهما ركيزتين أساسيتين لبناء الإنسان المصري، مشيرًا إلى أن المتحف المصري الكبير يمثل أحد أبرز إنجازات "الجمهورية الجديدة" التي تضع الثقافة في قلب عملية التنمية.
وأضاف أن ما تشهده مصر اليوم من طفرة ثقافية يشمل أيضًا تطوير دار الأوبرا المصرية، وإنشاء أوبرا جديدة في العاصمة الإدارية، وتحديث المتاحف الإقليمية، وإطلاق المبادرات الفنية للشباب، موضحًا أن هذه المشاريع كلها تتكامل في إطار استراتيجية تهدف إلى إعادة الاعتبار للفن كقوة تنويرية في المجتمع.
وتابع أنه على الفنانين المصريين أن يكونوا شركاء فاعلين في هذه المرحلة، وأن يوظفوا مواهبهم في خدمة الهوية الوطنية.
واختتم هاني عبد الكريم تصريحاته لوكالة أنباء الشرق الأوسط قائلاً: "المتحف المصري الكبير هو هدية مصر للعالم، هو رسالة تقول إن الحضارة المصرية لا تزال حية، وأن الفن المصري ما زال قادرًا على الإبداع والتجدد.. هذا المتحف سيجعل العالم ينظر إلى مصر ليس فقط كمهد التاريخ، بل كمستقبل للفن والوعي الإنساني.. افتتاح المتحف يعد افتتاحًا لعصر جديد من الثقافة والفكر والإبداع، عصر تُعيد فيه مصر صياغة دورها الحضاري كقلب نابض للثقافة العربية والإنسانية".
هاني عبد الكريم: المتحف الكبير يعيد لمصر ريادتها الثقافية والفنية