ألقى قداسة البابا تواضروس الثاني عظته الأسبوعية في اجتماع الأربعاء مساء اليوم من كنيسة الشهيد مار جرجس بخماروية التابعة لكنائس قطاع شبرا الشمالية بالقاهرة، وذلك بالتزامن مع احتفال الكنيسة باليوبيل المئوي لتأسيسها.
وبُثت العظة عبر القنوات الفضائية المسيحية وقناة C.O.C التابعة للمركز الإعلامي للكنيسة على شبكة الإنترنت.
وصلى قداسة البابا رفع بخور العشية، سبقها لقاء عقده مع كهنة الكنيسة وأسرهم حدثهم خلاله عن سمات الإنسان الإيجابي، وقدم لهم هدايا تذكارية.
وشارك في الصلوات إلى جانب نيافة الأنبا أنجيلوس الأسقف العام لكنائس قطاع شبرا الشمالية، عدد من أحبار الكنيسة ووكيل عام البطريركية بالقاهرة، وكهنة كنائس شبرا الشمالية.

وعقب العشية رتل خورس الشمامسة بعض الألحان وألقى نيافة الأنبا أنجيلوس كلمة ترحيب بقداسة البابا وأورد الآية "وَأَمَّا أَنَا فَبِكُلِّ سُرُورٍ أُنْفِقُ وَأُنْفَقُ لأَجْلِ أَنْفُسِكُمْ، وَإِنْ كُنْتُ كُلَّمَا أُحِبُّكُمْ أَكْثَرَ أُحَبُّ أَقَلَّ! فَلْيَكُنْ" (٢كو ١٢: ١٥ - ١٦) مشيرًا الى اهتمام قداسته بالاحتفال بمناسبة مرور ١٧ قرنًا على انعقاد مجمع نيقية، حيث أقيمت احتفالية بطاركة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية الثلاثة بالشرق الأوسط في شهر مايو الماضي، بينما استضافت الكنيسة القبطية مؤتمر مجلس الكنائس العالمي في أكتوبر الماضي.
كما أشاد بزيارة قداسة البابا لدول وسط أوروبا لافتقاد أبنائنا هناك، وبزيارة قداسته لإيبارشيات محافظة أسيوط التي بذل خلالها قداسة البابا جهدًا كبيرًا وكان محط محبة والتفاف الآلاف من الشعب هناك طوال ثمانية أيام.

ثم قدم القمص موسى لطيف كاهن الكنيسة عرضًا لمحتويات الكنيسة وخدماتها عن طريق جولة افتراضية باستخدام خاصية (٣٦٠ درجة). تلاه مجموعة من الترانيم رتلها كوارال "القلب المرنم" التابع للكنيسة.وهنأ قداسة البابا بمناسبة مرور مئة سنة على تأسيس الكنيسة، معربًا عن سعادته بمشاركة آباء الكنيسة وشعبها بمناسبة اليوبيل المئوي لافتًا إلى أنها كنيسة تمثل علامة بين كنائس الكرازة المرقسية. وطرح سؤالاً للتأمل، وهو كم واحد تعمد في هذه الكنيسة عبر مئة سنة؟! وكم واحد تزوج فيها؟! وكم واحد تعلم في مدارس الأحد فيها؟ وكم قداس أقيم...إلخ؟.

واستكمل قداسة البابا سلسلة "أصحاحات متخصصة"، وتحدث اليوم عن موضوع "الله الْمُطَّلِع عَلَى كُلِّ شَيْءٍ"، وقرأ جزءًا من الأصحاح الثالث من سفر الجامعة والأعداد (١ - ١١)، وأوضح أن الله مُطَّلع على كل فِعل يحدث في الحياة، وكل فِعل له وقت بسماح من الله.
وشرح قداسته أن الوقت هو أعمارنا ولذلك له قيمة في حياة الإنسان، والكل مكشوف وحاضر أمام الله سواء الماضي أوالحاضر أوالمستقبل لكل البشر، "صَنَعَ الْكُلَّ حَسَنًا فِي وَقْتِهِ" (جا ٣: ١١).

وتناول قداسة البابا أبعاد مهمة للوقت من خلال الآية: "صَنَعَ الْكُلَّ حَسَنًا فِي وَقْتِهِ" كالتالي:
١- الله هو رب الأوقات ولا يتأخر أبدًا ولكنه يصنع كل شيء في وقته، مثلما حدث مع يوسف البار عندما ألقوه إخوته في البئر ثم صار عبدًا وتم سجنه، ولكن في وقت مُعيّن من الله خرج من السجن ثم صار الشخص الثاني على كرسي مصر.
وفي إطار الاحتفال بمرور ١٧ قرنًا على مجمع نيقية، أشار قداسته إلى أحداث النفي مع القديس أثناسيوس الرسولي، والذي تولى عرش البطريركية ٤٧ سنة، وخلالها نُفي خمس مرات، منها أربعة خارج مصر وواحدة داخل مصر، وفي خارج مصر لم يكن يوجد أقباط، فعيَّن له الله وقت النفي لكتابة سيرة القديس الأنبا أنطونيوس "أب الرهبان"، وهذا الكتاب صار هو بذرة الرهبنة في كل أوروبا.

٢- لكل وقت معنى ورسالة، والله يسمح برسالة في كل سن، فكل سن له جماله وفاعليته، مثلما حدث مع أيوب الصديق الذي عانى مع تجربة الألم، وبعد جهاد طويل قال: "بِسَمْعِ الأُذُنِ قَدْ سَمِعْتُ عَنْكَ، وَالآنَ رَأَتْكَ عَيْنِي" (أي ٤٢: ٥)، وبالمثل مع داود النبي، الذي ظل هاربًا من شاول الملك، ولكن كان لديه ثقة في تدبير الله، "أَمَّا أَنَا فَعَلَى رَحْمَتِكَ تَوَكَّلْتُ" (مز ١٣: ٥).

٣- من الحكمة أن نعرف ماذا نفعل ونصنع في الوقت، وطريقة تدبيره وعدم إهماله، مثلما حدث مع العذارى الحكيمات والجاهلات "وَفِيمَا هُنَّ ذَاهِبَاتٌ لِيَبْتَعْنَ جَاءَ الْعَرِيسُ، وَالْمُسْتَعِدَّاتُ دَخَلْنَ مَعَهُ إِلَى الْعُرْسِ، وَأُغْلِقَ الْبَابُ" (مت ٢٥: ١٠)، فينبغي أن نستغل الوقت استغلالًا حسنًا، وكذلك ما حدث مع نحميا، حينما كان مسبيًّا ويعمل ساقيًا للملك، سأله الملك عن سبب ضيقه، "وَقُلْتُ لِلْمَلِكِ: «لِيَحْيَ الْمَلِكُ إِلَى الأَبَدِ. كَيْفَ لاَ يَكْمَدُّ وَجْهِي وَالْمَدِينَةُ بَيْتُ مَقَابِرِ آبَائِي خَرَابٌ، وَأَبْوَابُهَا قَدْ أَكَلَتْهَا النَّارُ؟»" (نح ٢: ٣)، ثم أطلق سراحه وساعده، واستغل نحميا الوقت في بناء الأسوار المهدومة في ٥٢ يومًا.

٤- الانتظار والصبر فضيلة، فالصبر وطول الأناة مدرسة لكي يضع الإنسان ثقته في الله، ويقول القديس يوحنا ذهبي الفم: "الله عندما يعطيك أو لا يعطيك إنما يفعل ذلك لخيرك"، مثلما حدث مع حنة أم صموئيل، والتي كانت تبكي لكي يعطيها الله طفلًا، ولكنها لم تفقد الرجاء، وعندما جاء وقت الله أنجبت النبي صموئيل.




