قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن سنة الصراع الأبدي بين قوة الحق وقوة الباطل هي سنة جارية على إقرار الحق وإزهاق الباطل مهما طال الصراع. قال تعالى: {وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [الشورى: 24]. وقال: {وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} [الأنفال: 7-8].
واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، انه يترتب على هذه السنة سنةٌ أخرى، وهي: سنة انتصار أهل الصلاح والإعمار من المؤمنين على أهل الإفساد والتدمير من المعاندين المتكبرين الكافرين حتى يندحروا مهزومين. قال تعالى: {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الفتح: 22-23].
ويقابل ذلك "سنة عقاب المستكبرين والماكرين المفسدين في الأرض".
فإن الله تعالى لا يدع الظالم يفلت بظلمه، ولا الماكر يمر بجرمه آمنًا. قال تعالى: {اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} [فاطر: 43].
وقد تكون سنة الله في أمره الشرعي؛ كما أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بالزواج من طليقة ابنه بالتبنّي زيد بن حارثة، وكان التشريع الجاهلي عند العرب يحرّم هذا، فأمر الله نبيه –وهو رأس قيادة الدين– بفعل ذلك حتى يكسر هذا التشريع البائد. قال تعالى:
{مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: 38].
وغير ذلك الكثير من تلك السنن التي لا تتخلف ولا تتبدل، بل هي ماضية بأمر الله وقدره. قال تعالى: {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 62].
وقال: {اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ...} [فاطر: 43]. وقال: {سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا} [الإسراء: 77].
وقال سبحانه: {مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ ...} [الأحزاب: 38].
ومن تكرار تلك الآيات، وبمشاهدة الحس، نجد أن سنن الله سبحانه وتعالى تتسم بالثبات وباطرادها عبر الزمان والمكان؛ فهي لا تتغير ولا تتبدل. وتلك السنن الإلهية بثباتها واستقرارها كوّنت فطرة الله التي فطر الناس عليها، وكانت جزءًا من مكونات عقل المسلم، تساعد في التعامل مع الكون وفهمه.
وتتضح سنن الله الكونية من مطالعة كتاب الله المسطور (القرآن الكريم)؛ فهو دليل التعامل مع كتاب الله المنظور (الكون). وكتاب الله المنظور هو برهان الإيمان بكتاب الله المسطور. فكلا الكتابين لا غنى عنهما في الوصول إلى رب العالمين وبلوغ سعادة الدارين.
