كشف علماء من مركز GFZ هيلمهولتز لعلوم الأرض بالتعاون مع جامعة كوينزلاند الأسترالية عن خريطة تكتونية عالمية جديدة توضح مستوى الإجهاد داخل القشرة الأرضية، وتشير إلى وجود مناطق أصبحت على شفا الانهيار، ما يرفع احتمالات حدوث زلازل مدمرة خلال السنوات المقبلة.
وتعد هذه الخريطة الأكثر شمولاً منذ إصدار النسخة السابقة عام 2016، إذ اعتمدت على أكثر من 100 ألف قياس جمعت من مصادر متنوعة حول العالم.
طفرة في جمع البيانات 3 آلاف قياس جديد من أعماق الأرض
يمثل المشروع خطوة علمية مهمة، بعدما ضاعف فريق الباحثين حجم البيانات المستخدمة، وأضافوا 3,000 قياس جديد من آبار عميقة كانت تفتقر إلى بيانات دقيقة، ما ساهم في سد فجوات معرفية واسعة.
ووفقت لتقرير نشره موقع ديلي جالكسي، فإن هذه الإضافات مكنت العلماء من رسم خريطة غير مسبوقة في دقتها واتساعها.
كيف تعمل الخريطة؟ فهم اتجاه الإجهاد الأفقي (SHmax)
تعتمد الخريطة الجديدة على تحليل اتجاه وشدة الإجهاد الأفقي الأقصى (SHmax) داخل القشرة الأرضية، وهو مؤشر رئيسي يساعد على تحديد المناطق الأكثر عرضة للتصدعات والزلازل.

وقد صنفت الخريطة أنماط الصدوع باستخدام ترميز لوني واضح:
أحمر: صدوع عادية
أخضر: صدوع انزلاقية جانبية
أزرق: صدوع عكسية
يمنح هذا التصنيف العلماء والمختصين رؤية أعمق لطبيعة القوى التكتونية في كل منطقة، ويساعد على تحديد أماكن يمكن أن يؤدي أي تغير بسيط في إجهادها إلى حدوث زلازل قوية.
تغير حاد في قوى القشرة شرق أستراليا
من أبرز النتائج التي أثارت دهشة الباحثين ما رصدوه في حوض بووين شرق أستراليا، حيث لوحظ تغير مفاجئ في اتجاه الإجهاد الأفقي الأقصى بأكثر من 50 درجة عبر مسافة لا تتجاوز 100 كيلومتر.
ويشير هذا التحول السريع إلى أن خصائص الصخور المحلية، مثل كثافتها وبنيتها، قد تعيد توجيه القوى التكتونية العالمية بشكل مفاجئ، مما يمثل تحدياً كبيراً أمام أساليب التنبؤ الزلزالي التقليدية.
أهمية الخريطة لصناعة الطاقة والحفر
تحمل الخريطة الجديدة أهمية كبرى لصناعة الحفر، سواء في مجالات الطاقة الحرارية الجوفية أو النفط والغاز، حيث يمكن للعمليات البشرية أن تتسبب في نشوء زلازل مستحثة.
وتساعد قراءة اتجاهات الإجهاد في:
اختيار مواقع أكثر أماناً لحفر الآبار
تحديد وزن الطين وأدوات الحفر المناسبة
تقليل مخاطر انغلاق المواسير أو انفجارات الآبار
كما تعد الخريطة أداة ضرورية للحد من مخاطر الزلازل الناتجة عن عمليات حقن السوائل، حيث يمكن لضغط المسام المرتفع أن يفعل صدوع خامدة.
خطوة لتعزيز الاستعداد العالمي للزلازل
يمثل هذا العمل نقلة نوعية في علم الزلازل المعتمد على البيانات إذ ستخضع الخريطة لتحديثات مستمرة عبر منصة بيانات جديدة، ما يوفر لصناع القرار ولجان الطوارئ معلومات حديثة تساعدهم على إعداد سيناريوهات محاكاة دقيقة، خاصة في المناطق ذات البنية التحتية الحساسة.
وبذلك، تتحول هذه الخريطة إلى أداة أساسية في تعزيز جاهزية العالم للتعامل مع المخاطر الزلزالية المتزايدة.



