تناول الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خلال برنامج « لعلهم يفقهون» مفهوم الحسد بتفصيل دقيق، مؤكدًا أن هذا السلوك البشري ليس نوعًا واحدًا كما يعتقد الكثيرون، بل ينقسم إلى نوعين رئيسيين: حسد محمود وحسد مذموم، ويتفرع منهما أربعة أشكال مختلفة.
وأوضح الشيخ الجندي أن أول هذه الأنواع هو الحسد المحمود أو ما يُعرف بالغبطة، وهو الشعور الإيجابي الذي يدفع الإنسان إلى تمني مثل النعمة التي يراها لدى غيره من غير أن يطلب زوالها عنه، مثل أن يقول الشخص: "يا رب بارك له وارزقني مثلها"، معتبرًا هذا النوع حافزًا للتنافس في أوجه الخير. واستشهد بحديث النبي ﷺ: “لا حسد إلا في اثنتين…”، مبينًا أن المقصود بالحسد هنا هو الغبطة لا التمني بزوال النعمة.
ثم انتقل إلى النوعين التاليين اللذين وصفهما بأنهما مذمومان شرعًا، موضحًا أن الحسد المذموم يتمثل في رغبة الإنسان في زوال نعمة غيره وانتقالها إليه، مثل قول أحدهم: "يا رب خذها منه وادّيهالي"، مؤكدًا أن هذا اللون من الحسد يحمل صاحبه إلى مسالك نفسية مؤذية له ولغيره. أما النوع الثالث، فقال إنه الحقد، وهو أن يتمنى الحاسد زوال النعمة من المحسود دون أن يستفيد هو منها، كما لو دعا بزوال رزق غيره أو احتراق ممتلكاته، معتبرًا أن هذا الشعور آفة قلبية تلتهم صاحبها أولًا قبل أن تؤذي من حوله.
وأشار الجندي إلى النوع الرابع الذي وصفه بأنه الأخطر والأكثر انتشارًا بين أصحاب الثراء، وهو الغل، موضحًا أنه صورة من صور الحسد المعكوس، حيث يشعر الغني بالضيق أو الغضب حين يرى غنيًا آخر يحقق نجاحًا جديدًا أو يحصل على نعمة إضافية، حتى وإن كان في غنى عنها. وبيّن أن هذا المرض يزول عند أهل الجنة، إذ ينشغلون برحمة الله وتوبته على الناس بدل الانشغال بالمقارنات والغيرة.
وفي ختام حديثه، أكد الشيخ الجندي أن الغبطة والحسد المحمود يرفعان الإنسان ويحفّزانه على العمل، بينما الحسد المذموم والحقد والغل يدمّرون النفس والمجتمع معًا، داعيًا إلى تهذيب القلوب والتعامل برفق مع نعم الله على الآخرين.



