رد الشيخ محمد كمال، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على تساؤل طرحه أحد المواطنين ويدعى الحاج محمد، والذي استفسر فيه عن حكم الصلاة داخل المساجد التي تحتوي على أضرحة مثل مسجد السيدة زينب ومسجد الإمام الحسين رضي الله عنهما، وما إذا كانت هذه الصلاة جائزة أم محرمة.
وخلال لقاء تلفزيوني ، أوضح أمين الفتوى أن الصلاة في المساجد التي يوجد بها أضرحة هي صلاة صحيحة وجائزة شرعًا ولا يوجد بها أي حرج، مؤكدًا أن هذا الحكم ثابت بالأدلة الواضحة من القرآن الكريم والسنة النبوية، فضلاً عن إجماع كبار الصحابة والعلماء.
وبيّن الشيخ محمد كمال أن قول الله تعالى في سورة الكهف: «لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا» يعد دليلاً صريحًا على جواز بناء المساجد بجوار قبور الصالحين، وهو ما أشار إليه الإمام الرازي في تفسيره، موضحًا أن هذه الآية تدل على مشروعية اتخاذ المسجد عند قبر الولي أو الرجل الصالح دون أن يترتب على ذلك بطلان للصلاة.
وأضاف أن من أبرز الأدلة أيضًا ما رواه الإمام مالك في كتاب “الموطأ” بشأن دفن النبي صلى الله عليه وسلم في المكان الذي قبض فيه داخل المسجد، لافتًا إلى أن الصحابة رضوان الله عليهم لم يعترضوا على ذلك، كما تم دفن سيدنا أبي بكر وسيدنا عمر رضي الله عنهما في حجرة السيدة عائشة، وكانت تصلي فيها دون أن يرد عن أحد من العلماء إنكار أو تشكيك في صحة الصلاة.
وأشار إلى أن الأمة الإسلامية بأجمعها تقر بصحة الصلاة في المسجد الحرام على الرغم من وجود قبر السيدة هاجر ونبي الله إسماعيل عليهما السلام في محيط الكعبة المشرفة، موضحًا أن وجود الأضرحة في هذه المواضع المباركة لا يؤثر على مشروعية الصلاة ولا ينتقص من أجرها.
وتطرق أمين الفتوى إلى ما ذكره الإمام الذهبي في كتابه «سير أعلام النبلاء» عن السيدة نفيسة رضي الله عنها، مشيرًا إلى أن الدعاء عند قبرها يُرجى قبوله، وكذلك الأمر عند قبور الأنبياء والصالحين، مؤكدًا أن هذه المواضع الطاهرة لا تتعارض مع صحة الصلاة ولا تنقص من فضلها.
وشدد الشيخ محمد كمال على أن المسلم لا ينبغي أن ينشغل بالقلق أو الوسوسة في هذا الأمر، داعيًا إلى الطمأنينة والسكينة، قائلاً: «صلِّ وقلبك مطمئن، وصلاتك صحيحة إن شاء الله، والدعاء في هذه الأماكن الطيبة مستجاب».



