تواصل الأزمة الأوكرانية إلقاء ظلالها الثقيلة على المشهد الدولي، وسط تصاعد ملحوظ في حدة التصريحات بين روسيا والدول الأوروبية، وعلى رأسها فرنسا. وفي وقت يتحدث فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن استعداد بلاده لأي احتمالات عسكرية قد تطرأ، تكشف أجهزة الاستخبارات الروسية عن مؤشرات تُنذر بتوتر أكبر، بينما تتمسك باريس بنفي الاتهامات. هذا المشهد المتشابك يعكس حجم التعقيد الذي وصلت إليه الحرب المستمرة منذ فبراير 2022.
بوتين: لا نريد الحرب.. لكننا مستعدون لها
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال مشاركته في الجلسة العامة لمنتدى "روسيا تنادي!" في موسكو، أن روسيا لا تخطط لخوض حرب ضد أوروبا، مشدداً في الوقت نفسه على أن موسكو ستكون جاهزة «منذ اللحظة الأولى» إذا قررت أوروبا الدخول في مواجهة.
وقال بوتين إن بلاده ستواصل تكثيف الضربات ضد المنشآت والسفن الأوكرانية، مؤكداً أن العمليات العسكرية مستمرة وفق ما تراه القيادة الروسية مناسباً لحماية مصالح البلاد.
اقتصاد روسيا في مواجهة الضغوط الخارجية
وفي سياق آخر، استغل بوتين مشاركته في المنتدى للحديث عن الوضع الاقتصادي، موضحاً أن القطاع المالي الروسي تمكن خلال السنوات الأخيرة من إعادة هيكلة عملياته بنجاح.
وأشار إلى أن روسيا استطاعت استبدال مصادر التمويل الخارجية غير الموثوقة بأخرى محلية، في خطوة اعتبرها دليلاً على مرونة الاقتصاد الروسي وقدرته على مواجهة العقوبات والضغوط الغربية.
اتهامات روسية لفرنسا.. بحث عن مشاركة مباشرة في الحرب
في المقابل، أطلق جهاز المخابرات الخارجية الروسي تحذيرات جديدة ضد فرنسا، متهماً إياها بالبحث عن خيارات للمشاركة المباشرة في الحرب الأوكرانية.
وكشف الجهاز معلومات تشير إلى أن الحكومة الفرنسية تنظر في المرسوم رقم 1030-2025، الذي يسمح باستخدام شركات عسكرية خاصة لتقديم الدعم لدول منخرطة في نزاعات مسلحة، في إشارة واضحة بحسب موسكو إلى أوكرانيا.
وقال الجهاز إن "حتى المواطن الأوروبي الأقل خبرة يدرك أن المقصود بهذه الدولة هي أوكرانيا"، معتبراً أن الخطوة تتزامن مع تعزيز باريس وجودها العسكري قرب الحدود الشرقية لأوروبا.
ردود متبادلة وتصعيد دبلوماسي
من جانبها، كانت وزارة الخارجية الروسية قد توعدت سابقاً بأن أي وجود عسكري فرنسي مباشر داخل أوكرانيا سيُعامل كهدف مشروع للجيش الروسي.
في المقابل، تواصل باريس نفي هذه الاتهامات، ووصفتها بـ"الادعاءات المضللة" التي تهدف بحسب قولها إلى تشويه موقفها تجاه الأزمة الأوكرانية.
بين تصريحات بوتين وتحذيرات الاستخبارات الروسية وردود باريس المتواصلة، يبدو أن الأزمة الأوكرانية تشهد مرحلة جديدة من التوتر، وسط غياب أي مؤشرات على انفراج قريب. ومع استمرار الاتهامات والتصعيد الكلامي، تبقى المنطقة الأوروبية أمام سيناريوهات مفتوحة قد تزيد من تعقيد المشهد السياسي والعسكري في الفترة المقبلة.