قدم الشيخ عبد الله الثقافي عميد كلية أصول الدين بجامعة مركز، رؤية لسبب مواجهة التفكك الأسري واقعية في مؤتمر الأسرة بأبوظبي
قال الثقافي: بفضل الله وكرمه، تشرفتُ بالمشاركة في مؤتمر الأسرة الذي عُقد برعاية كريمة من الشيخة فاطمة بنت مبارك “أم الإمارات”، يومي الاثنين والثلاثاء، وذلك نيابةً عن مفتي الديار الهندية فضيلة الشيخ أبي بكر أحمد، ونيابةً عن جامعة مركز الثقافة السنية – كيرالا، الهند.
وقد شارك في هذا المؤتمر مئات من العلماء والمفكرين والقادة والإداريين من مختلف دول العالم، واستمعنا إلى أوراق علمية ومداخلات فكرية عميقة قُدِّمت على منصة المؤتمر، وكلها جديرة بالدراسة والبحث والمناقشة. وبوصفي رجلًا هنديًا وممثلًا لجامعة مركز الثقافة السنية بولاية كيرالا، وقفتُ بنفسي على مدى اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة وقيادتها الرشيدة بقضية الأسرة والعائلة، حيث لم يقتصر الاهتمام على الطرح النظري، بل شمل دراسات ميدانية دقيقة تناولت أسباب تفكك الأسرة وسبل معالجتها.
وقد خرج المؤتمر بمحاضرات ومناقشات قدمت حلولًا واقعية مرضية شملت الجوانب الدينية، والاجتماعية، والتربوية، والاقتصادية، والإعلامية. وانطلاقًا من هذا المؤتمر المبارك، أقدّم إلى معاليكم خلاصة ما وقفتُ عليه بنفسي من رؤى ومعالجات، تأكيدًا على اهتمام قادة الإمارات بهذه المشكلات الأسرية الجوهرية، وحرصهم الصادق على تقديم حلولها في أسرع وقت ممكن
أولًا: أهمية الأسرة في بناء المجتمع
الأسرة هي اللبنة الأولى في بناء المجتمع، وهي المحضن الطبيعي لتربية الإنسان تربية متوازنة دينيًا وأخلاقيًا ونفسيًا. فإذا صلحت الأسرة صلح المجتمع، وإذا فسدت انعكس فسادها على الأمن الاجتماعي، والاستقرار القيمي، والهوية الوطنية.
وقد أولى الإسلام الأسرة عناية عظيمة، فجعلها قائمة على السكن والمودة والرحمة، وربط استقرارها باستقرار الأمة كلها.
ثانيًا: الأسرة السعيدة ومقوماتها
الأسرة السعيدة ليست تلك الخالية من المشكلات، بل التي تحسن إدارة الخلاف، ومن أهم مقوماتها:
الإيمان بالله ومراقبته في الحقوق والواجبات.
الاحترام المتبادل بين الزوجين.
الحوار الهادئ والتفاهم عند الاختلاف.
التعاون في تحمل أعباء الحياة.
التربية الصالحة للأبناء بالقدوة الحسنة.
فالأسرة السعيدة تصنع أفرادًا أسوياء، وتسهم في بناء مجتمع متماسك وآمن.
ثالثًا: أسباب تفكك الأسرة
من خلال ما طُرح في المؤتمر، وما تشهده المجتمعات المعاصرة، يمكن إجمال أسباب تفكك الأسرة في ما يلي:
ضعف الوازع الديني وغياب القيم الأسرية.
سوء الاختيار عند الزواج وعدم التكافؤ.
ضعف الحوار وكثرة النزاعات.
الضغوط الاقتصادية وسوء إدارة المال.
تدخل الأهل السلبي في حياة الزوجين.
التأثير السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي.
العنف الأسري وغياب الاحتواء النفسي.
رابعًا: الحلول والمعالجات
أكد المؤتمر أن معالجة تفكك الأسرة تتطلب حلولًا شاملة وتكاملية، ومن أبرزها:
تعزيز التربية الدينية والأخلاقية داخل الأسرة.
تأهيل المقبلين على الزواج علميًا ونفسيًا.
تفعيل مراكز الإرشاد الأسري والإصلاح قبل الطلاق.
نشر ثقافة الحوار والتفاهم داخل البيوت.
ضبط استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
دعم الأسر اقتصاديًا واجتماعيًا.
إشراك المؤسسات التعليمية والإعلامية في حماية الأسرة.
خلاصة الكلام
لقد جسّد مؤتمر الأسرة في أبوظبي نموذجًا حضاريًا راقيًا في التعامل مع قضايا الأسرة بفقه الواقع، حيث جمع بين الأصالة الشرعية والمعالجة المعاصرة، وأثبت بوضوح أن استقرار الأسرة هو أولوية وطنية وإنسانية.
وإن هذا الاهتمام الصادق من قيادة دولة الإمارات بقضايا الأسرة يؤكد وعيها العميق بأن الأسرة المتماسكة هي الضامن الحقيقي لهوية المجتمع، وأمنه، واستقراره، وتقدمه.