واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي خروقاته لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، من خلال شن غارات جوية وقصف مدفعي مكثف استهدف مناطق عدة شرقي مدينة غزة، في انتهاك جديد لبنود الاتفاق الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر 2025.
وأفاد شهود عيان بأن الطائرات الحربية الإسرائيلية نفذت غارتين جويتين متتاليتين استهدفتا مناطق شرق حي الزيتون شرقي مدينة غزة، بالتزامن مع قصف مدفعي عنيف طال محيط مفترق السنافور في حي التفاح، ما تسبب بحالة من الهلع بين السكان، خاصة في ظل استمرار وجود عائلات نازحة في تلك المناطق.
وتأتي هذه الاعتداءات ضمن سلسلة خروقات متواصلة تنفذها قوات الاحتلال داخل المناطق التي يفترض أنها خاضعة لوقف الأعمال العدائية، بل وتشمل مناطق انسحب منها الجيش الإسرائيلي بموجب الاتفاق، ما يعكس – وفق مراقبين – استخفافًا إسرائيليًا واضحًا بالضمانات الدولية ووسطاء التهدئة.
شهيد جديد وتصعيد ميداني
وجاء القصف بعد ساعات من استشهاد فلسطيني برصاص قوات الاحتلال في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، في منطقة كانت إسرائيل قد انسحبت منها ضمن المرحلة الأولى من الاتفاق، ما يسلّط الضوء على اتساع رقعة الانتهاكات الإسرائيلية وعدم التزامها بخطوط التهدئة المتفق عليها.
وتزامنت هذه التطورات مع اتهامات مصرية مباشرة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالسعي إلى عرقلة تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، ومحاولة إشعال الأوضاع مجددًا في قطاع غزة والمنطقة ككل، في وقت يفترض فيه الانتقال إلى مسار سياسي وإنساني يخفف من معاناة السكان.
ملفات معلقة وتعطيل إسرائيلي
وتتضمن المرحلة الثانية من الاتفاق ملفات بالغة الحساسية، من بينها توسيع الانسحاب الإسرائيلي من القطاع، إطلاق مسار إعادة الإعمار، تشكيل لجنة تكنوقراط لإدارة شؤون غزة، نزع سلاح حماس، إنشاء مجلس سلام، ونشر قوات دولية لضمان الاستقرار.
غير أن إسرائيل، وفق مصادر فلسطينية ودولية، تتنصل من التزاماتها الأساسية التي نصت عليها المرحلة الأولى، وعلى رأسها وقف الأعمال العدائية، إذ تواصل قوات الاحتلال إطلاق النار والقصف الجوي والمدفعي في مناطق متفرقة من القطاع.
وبحسب معطيات رسمية، أسفرت هذه الخروقات منذ 11 أكتوبر الماضي وحتى الأربعاء عن مقتل 406 فلسطينيين وإصابة 1118 آخرين، في وقت يعاني فيه القطاع من أوضاع إنسانية كارثية ونقص حاد في الخدمات الطبية والغذائية.
وكان اتفاق وقف إطلاق النار قد أنهى رسميًا حرب إبادة جماعية شنتها إسرائيل على قطاع غزة بدعم أمريكي، منذ 10 أكتوبر 2023 واستمرت لنحو عامين، وأسفرت عن استشهاد قرابة 71 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 171 ألفًا، غالبيتهم من النساء والأطفال.
كما خلفت الحرب دمارًا هائلًا طال نحو 90% من البنية التحتية في القطاع، بما في ذلك المنازل والمستشفيات والمدارس وشبكات المياه والكهرباء، فيما قدّرت الأمم المتحدة تكلفة إعادة الإعمار بحوالي 70 مليار دولار.