الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فاطمة الزهراء .. آخر مولود في بيت النبوة.. وأم الحسن والحسين

صدى البلد

ولدت السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام بعد مبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم بخمس سنوات في بيت الطهارة والإيمان.
وتمكنت عليها السلام من أن تحتوى النبي صلى الله عليه واله وسلم بالحنان واهتمـت به أشد اهتمام حتى لقبها بـ"أم أبيها".
ونشأت فاطمة في بيت النبوة ومهبط الرسالة، فكان أبوها يعلمها العلوم الإلهيـة ويفيض عليها من معارفه الربانية.
وشاءت حكمة الله تعالى أن تعاني هذه الابنة الطاهرة ما كان يعانيه أبوها من أذى المشركين فيما كان يدعوهم إلى عبادة الإله الواحد.
في
الخامسة من عمرها فقدت أمها السيدة خديجة, فكانت تلوذ بأبيها رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم الذي بات سلوتها الوحيدة، فوجدت عنده كلّ ما
تحتاجه من العطف والحنان والحبّ والاحترام. ووجد هو فيها قرّة عينه وسلوة
أحزانه فكانت في حنانها عليه واهتمامها به كالأمّ الحنون حتّى قال عنها:
"فاطمة أم أبيها".
بعد أن غادر النبي صلى الله عليه وآله وسلم مكة
متوجهاً إلى المدينة لحق الإمام علي عليه السلام به ومعه الفواطم، ومنهن
فاطمة الزهراء عليها السلام، وكان عمرها آنذاك سبع سنوات.
وما إن
بلغت فاطمة الزهراء عليها السلام التاسعة من عمرها حتى بدا عليها كل ملامح
النضوج الفكري والرشد العقلي، فتقدم سادات المهاجرين والأنصار لخطبتها
طمعاً بمصاهرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، ولكنه كان يردهم بلطف
معتذراً بأن أمرها إلى ربها.
وكان على بن أبي طالب بريد التقدم لخطبة بنت رسول الله وشجعه الصحابة على ذلك فقال لهم: أبعد أبوبكر وعمر؟.
وتقدم على كرم الله وجهه طالبا الزواج من الزهراء وافق النبي صلى الله
عليه وآله وسلم ووافقت فاطمة وتمّ الزواج، فباع علي درعه بخمسمائة درهم
لدفع المهر، ولما تزوجت من على كان عمرها خمس عشرة سنة وخمسة أشهر ونصفًا،
وكان سنُّ عليٍّ إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر.
وكان هذا البيت
المتواضع بأثاثه، غنيّاً بما فيه من القيم والأخلاق والروح الإيمانيّة
العالية، فبات صاحباه زوجين سعيدين يعيشان الأُلفة والوئام والحبّ
والاحترام، حتّى قال عليه السلام يصف حياتهما معاً:
"فوالله ما
أغضبتها ولا أكرهتها على أمرٍ حتى قبضها الله عز وجل، ولا أغضبتني ولا عصت
لي أمراً. لقد كنت أنظر إليها فتنكشِف عني الهموم والأحزان".
كانا
يتقاسمان العمل، فلها ما هو داخل عتبة البيت وله ما هو خارجها. وقد أثمر
هذا الزواج ثماراً طيبة، الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم.
تعلق رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم بابنته فاطمة عليها السلام تعلقا خاصاً لما
كان يراه فيها من وعي وتقوى وإخلاص فأحبها حباً شديداً، وكان إذا أراد
السفر جعلها آخر من يودّع، وإذا قدِم من السفر جعلها أول من يلقى.
وكان إذا دخلت عليه وقف لها وقبلها و يقول: "فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني, ومن آذاني فقد آذى الله".
ومع
كل ذلك، فقد جاءته يوماً تشكو إليه ضعفها وتعبها في القيام بعمل المنزل
وتربية الأولاد وتطلب منه أن يهب لها جارية تخدمها. فلم يستجب لطلبها، بل
استبدل ذلك بأمر آخر، عبر عنه صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: "أعطيك ما هو
خير من ذلك"، وعلمها تسبيحة خاصة تستحب بعد كل صلاة، وهي التسبيح ثلاثاً
وثلاثين والتحميد ثلاثاً وثلاثين مرة, والتكبير أربعاً وثلاثين مرة.
ولما
مرض الرسول الكريم مرض الموت كان يضع رأسه في حجر فاطمة، فقالت فاطمة رضي
الله عنها: واكرباه يا أبتاه! فرفع رأسه وقال: "لا كرب على أبيك بعد
اليوم يا فاطمة".
وتوفت رضى الله عنها وهي ابنة تسع وعشرين سنة أو
نحوها، وكانت أول أهله لحوقًا به، وصلى عليها زوجها علي بن أبي طالب بعد
أن غسّلها هو وأسماء بنت عميس رضي الله عنهما، وكانت أشارت عليه أن يدفنها
ليلا.