الشباب والكبار

في أعقاب قيام الشعب المصري بثورة الخامس والعشرين من يناير عام ألفين وأحد عشر والتي كان الشباب هم وقودها والمحرك الفعال وراء قيامها بدأ المجتمع المصري ينظر بفخر وإعجاب بقدرة الشباب علي تحريك المياه الراكدة من خلال تسخيرهم لتكنولوجيا الاتصالات الحديثة سواء فيس بوك او تويتر او غيرها.
لقد كانوا المحرك الرئيسي وراء مشاركة الجماهير في فعاليات الثورة حتي إن البعض أطلق عليها ثورة الشباب وبعد انتهاء الأيام الأولي لتلك الثورة الكبيرة بدأت تظهر أصوات هنا وهناك بضرورة الدفع بالشباب في تولي المسئولية والمشاركة في إدارة أمور الدولة واتخاذ القرار من خلال مواقع نيابية في مجلس الشعب أو تولي مناصب قيادية في الدولة من أجل الاستفادة بحيوية وأفكار هؤلاء الشباب.
والمتابع لسير وتطور هذه الأفكار لابد ان يلحظ أنها لم تتجه كما ظن البعض حتي إن آخرين ذهبوا الي الظن بأننا نواجه صراع الأجيال وان هناك اتجاها لدي الكبار لوقف تيار الشباب المتدفق ومنع وصولهم لمواقع المسئولية واتخاذ القرار.
وذهب البعض الي أن هناك من يضع العراقيل أمام بعض النماذج من الشباب الذين تولوا مواقع قيادية في عدد من المؤسسات والوزارات، والحقيقة أن الموضوع يجب ألا ينظر له بهذا الشكل علي الإطلاق فمن غير المعقول ان تسير الأمور في الدولة بالاعتماد علي فئة دون الأخري.
فالجميع لابد ان يشارك كل حسب إمكانياته وقدراته وخبراته فالدولة لا تستطيع ان تنجح او تنهض دون الاستفادة بإمكانيات الجميع، فالكبار يمثلون خبرات متراكمة علي مدار السنين ومروا بتجارب أثقلتهم وأعطتهم من الحكمة والحنكة ما يؤهلهم ويمنحهم القدرة علي التفكير الصائب واتخاذ القرارات السليمة، وعلي الجانب الآخر نجد الشباب المفعم بالأمل والذي يمتلك الرؤية والحيوية والقدرة علي الحركة ولديه من الحماس ما يجعله يقدم علي تقديم الغالي والنفيس، كما لاحظنا جميعا تلك الإمكانيات والقدرات خلال الأعوام الثلاثة الماضية عندما قادت الحركة الشبابية المجتمع المصري نحو التغيير في المرتين الأولي في يناير كما ذكرنا والثانية في يونيو عام ألفين وثلاثة عشر.
إننا الآن ونحن نقف علي أعتاب خطوات قليلة من قيام الدولة المصرية الحديثة ونستعد للبناء والعمل والانطلاق نحو المستقبل بخطي ثابتة لابد ان ندرك جميعا ان مصر ستنهض من كبوتها وتنطلق بالكبار وبالشباب معا فلا غني عن خبرة الكبار ولا غني عن حيوية وحركة الشباب، إنهما الجناحين وبدونهما لن نستطيع ان نحلق لآفاق المستقبل الرحب فليعمل الجميع يدا واحدة شبابا وكبارا متعاونين من أجل خير مصر وشعبها العظيم.