الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ما كلمة السر في عبادة الله.. علي جمعة يجيب

عبادة الله
عبادة الله

قال الدكتور علي جمعة، مفتى الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء، إنه عندما سُئِلَ الرسول – صلى الله عليه وسلم-: ما الإحسان ؟ قال: «أن تعبد الله كأنك تراه»، فانظر إلي الدقة (كأنك) أي من شأنك أن تراه، فالكاف هنا يسمونها ( كاف التشبيه )، إذًا هذه ليست رؤية حقيقية، إنما هي رؤية تمثيلية، يعني: كأنك ترى، فهذا يشبه الرؤية لكنه ليس برؤية؛ لأن الله - ﷻ - لا يُرى في الدنيا بالأبصار، إنما تقبل عليه القلوب.

وأوضح علي جمعة عبر صفحته الرسمية بـ«الفيسبوك» أن قلوب العارفين لها عيون * ترى ما لا يراه الناظرون؛ فالعيون ليست هي العيون التي لها مقلة وطرف ومآق، بل العيون تكون في البصيرة، فتكون أعلى مما هي عليه في البصر، فقلوب العارفين لها عيون أي بصيرة ترى بها ما لا يراه البشر، الذين اعتادوا الرؤية الحسية بعيونهم هذه؛ لأن الله- تعالى-« لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ »، فالإله لا يحيط به حد، ولا تنظر إليه مقلة.

وأضاف علي جمعة أن موسى كليم الله قال فى هذا: «رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي ولكن انظُر إلَى الجَبَلِ فَإنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًا وخَرَّ مُوسَى صَعِقًا»، فهذا شيء فوق طاقة البشر، وفوق طاقة الأكوان، ولا يُري بالعيون المجردة هذه، ولذلك لما أخبر عن حال المؤمنين في الآخرة قال: «وجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ »؛ فذكر الوجه وليس العين.

وتابع عضو هيئة كبار العلماء أن بعض العارفين بالله يقرأ الحديث « اعبد الله كأنك تراه» يعني: راقب نفسك المراقبة التامة المستمرة، لدرجة أن سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان يراقب نفسه بالأنفاس، فلا يدخل نفس إلا وهو يتأمل، ويتدبر، ويستحضر عظمة الله، ولا يؤمل أن يخرج، أي أنه ينتظر الموت دائمًا، وبصفة مستمرة، ولا يخرج نفس ويأمل أن يدخل.

وواصل علي جمعة: "فهل مثل هذا الإنسان تصدر منه المعصية ؟ هل مثل هذا الاستحضار يصدر معه التقصير؟ هل مثل هذه الحالة يصدر منها الظلم؟؛ دائما سيكون مع الله، مع هذه الفكرة الدائمة، يقول:« اعبد الله كأنك تراه »ويعني بها مقام المراقبة.

واستكمل: "ثم تأتي مرحلة أخرى: «فإن لم تكن تراه فهو يراك»؛ فهذه مرتبة أقل من المرتبة الأولى، فإنك لا تستطيع أن تكون دائم الذكر له على هذه المرتبة العالية، التي وصل إليها عمر - رضي الله عنه - وأولياء الله الصالحون - رضي الله تعالى عن الجمي-، فاعلم أنه سبحانه يراك، ويعلم سرك ونجواك، فاتق وخف.

واختتم بأن كلمة السر والمعنى المراد: أن تعبد الله كأنك تراه، أي أنك لا تنسى أبدًا، وليستمر ذلك معك طوال يومك حتى تصل إلى درجة الفناء، فإذا فنيت عن نفسك، وعرفت أن وجودك يحتاج إليه - سبحانه وتعالى - وهو لا يحتاج إليك، ووجدت أن الوجود الحقيقي إنما هو وجوده - سبحانه وتعالى - ووجودنا إنما هو وجود عارض، وحادث، وفانٍ، وله نهاية، فإنك تصل إلي مرحلة الرؤية، فالفضل من قبل ومن بعد لله وحده.