الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

علي جمعة: العديد من الأحاديث النبوية تناولت قضية المحافظة على الأوقات

علي جمعة
علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن قضية المحافظة على الأوقات، يقول فيها النبي ﷺ: «لا تزولَ قدم عبدٍ يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع، أولها: عن عمره فيما أفناه»، ولذلك دائمًا نرى المسلمين وهم قد حوَّلوا هذا المعنى وهذه القيمة (الحفاظ على الوقت) إلى برنامج عمل يومي، وحافظوا على أوقاتهم.

وأضاف عبر صفحته على الفيسبوك:  يقول ابن الجوزي في كتاب له ألَّفه في هذا الشأن، وسمَّاه (لفتة الكَبِد في نصيحة الوَلِد): يا بني -وهو ينصح ابنه- اعلم أن أغلب الناس لا يعرفون حقيقة الدنيا، وأنها إلى زوال، ولذلك تراهم يتكلمون في مجالسهم في الأسواق وفي الحكَّام) - ابن الجوزي مات سنة 595 هجريًّا، آخر القرن السادس، الناس أيضًا يجلسون وليس عندهم إلَّا أن الأسواق قد ارتفعت أسعارها، وأن هناك أزمة اقتصادية، وأن الحُكَّام يظلموننا أو لا يُراعوننا، هكذا أبدًا من القرن السادس الهجري والناس تفعل هذا- (واعلم أنهم يجلسون فيتكلمون في الأسواق وفي الحكامِ، فأشتغل بِبَرْيِ الأقلام وتحضير الدواة، وتقطيع الورق وتحضير المراجع حتى ينصرفوا) يعني حتى يعرفوا إنه لا وقت لهذا الكلام، وأنَّ أهم شيء في حياة الإنسان هو العمل الصالح، يريد أن يُؤَلِّف، يريد أن يذاكر، يريد أن ينفع مَن بعده وأن ينفع غيره، ولذلك كانوا يشغلون أوقاتهم بالعمل الصالح.

وتابع: ويؤلف ابن الحاج رحمه الله تعالى كتابًا ماتِعًا في استغلال الأعمال والأوقات، وأسماه ( المدخل إلى تنمية الأعمال بتحسين النيات والتنبيه على بعض البدع والعوائد) ولكن اشتهر بكلمة (المدخل)، في (المدخل) يُبين لنا أن النية أيضًا تفيد في قِلة الأوقات وقلة الأعمال، ولذلك كانت الصحابة توجه أعمالها دائمًا بالنية، فمثلًا، أنا لبست ثوب غالي وفَخيم وجميل، كانت الصحابة إذا فعلت ذلك مباشرةً تنوي في قلبها إظهار نعمة الله، والشكر على هذه النعمة، وعسى أن يتعرَّض لي أحدهم حتى أساعده بصدقة، بمعونة، بشفاعة، بقضاء حاجة ... إلى آخره، والنيات لا تحتاج إلى وقت، مراعاة للأوقات وضِيقها، ومراعاة لقلة الأعمال؛ حتى يزيد ثواب الإنسان، فكانوا يخرجون إلى الصلاة، والخروج إلى الصلاة بالثوب الفَخيم ينوي به الزينة {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} ولذلك فهو يَمْتَثِل هذا الأمر، وبالنية هذه يأخذ الثواب الجليل، وإذا أراد أن يلبس ثوبًا متواضعًا، فإنه يُظهر التواضع لله، وينوي ستر العورة، وينوي عدم التميُّز عن الناس وعن جماهير المسلمين، وينوي عدم التَّكَبُّر وهكذا.

واختتم الدكتور علي جمعة: هو شخص واحد إذا لَبِسَ ثوبًا غاليًا نَوَى هذه النيات، وإذا لَبِسَ ثوبًا رَخيصًا نَوَى هذه النيات، لكنَّهم أبدًا لا يتأخرون عن العمل، لا يتأخرون عن فعل الخيرات؛ لأنهم في صراع مع الحياة، ولأنهم في صراع مع الوقت.