سميح القاسم شاعر المقاومة الفلسطينية يرحل "منتصب القامة".. رفض مغادرة الأرض المحتلة وتعرض للسجن بسبب نشاطه الشعرى

- القاسم رفيق درب محمود درويش ارتبط اسمه بشعر الثورة والمقاومة من الداخل
- الرئيس الفلسطيني: القاسم صاحب الصوت الوطني الشامخ رحل بعد مسيرة حافلة بالعطاء
- حصل على جائزة نجيب محفوظ ووسام القدس للثقافة وجائزتين من فرنسا
- صَدَرَ له أكثر من 60 كتاباً في الشعر والقصة والمسرح والمقالة والترجمة
غيّب الموت الشاعر الفلسطيني الكبير سميح القاسم عن عمر يناهز الـ75 عاماً بعد أن ساءت حالته كثيراً منذ أسبوعين، وادخل غرفة العناية المركزة قبل عدة ايام، بسبب معاناته من سرطان الكبد منذ ثلاث سنوات.
ويعتبر الشاعر سميح القاسم من ابرز الشعراء المعاصرين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والمقاومة من داخل أراضى 48، وهو رفيق درب شاعر فلسطين الراحل محمود درويش.
وكانت صحة القاسم تدهورت في نهاية الشهر الماضي جراء معاناته من المرض الذي كان يعالجه بالكيمياوي، فنقلته عائلته إلى "مستشفى صفد"، حيث أشرف عليه صديقه الذي رافق وضعه الصحي طوال الأعوام الثلاثة الماضية، وهو البروفيسور الفلسطيني جمال زيدان، رئيس قسم السرطان بالمستشفى.
ولد القاسم وهو متزوج وأب لأربعة أولاد هم (وطن ووضاح وعمر وياسر) في مدينة الزرقاء الأردنية في 11 مايو عام 1939 لعائلة عربية فلسطينية من قرية الرامة وتعلّم في مدارس الرامة والناصرة.
ويروى أن والده كان ضابطاً في قوّة حدود شرق الأردن، وفي إحدى رحلات العودة إلى فلسطين في القطار خلال الحرب العالمية الثانية ونظام التعتيم، بكى الطفل سميح فذُعر الركَّاب وخافوا أن تهتدي إليهم الطائرات الألمانية.
وبلغَ بهم الذعر درجة التهديد بقتل الطفل إلى أن اضطر الوالد إلى إشهار سلاحه في وجوههم لردعهم، وحين رُوِيَت الحكاية لسميح القاسم فيما بعد، قال"حسناً لقد حاولوا إخراسي منذ الطفولة سأريهم سأتكلّم متى أشاء وفي أيّ وقت وبأعلى صَوت، لن يقوى أحد على إسكاتي".
ونعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس الشاعر الراحل. ونقلت عنه الوكالة الفلسطينية قوله "الشاعر القاسم صاحب الصوت الوطني الشامخ رحل بعد مسيرة حافلة بالعطاء والذي كرس جل حياته مدافعا عن الحق والعدل والأرض."
وقد سُجِن سميح القاسم أكثر من مرة كما وُضِعَ رهن الإقامة الجبرية والاعتقال المنـزلي وطُرِدَ مِن عمله مرَّات عدّة بسبب نشاطه الشِّعري والسياسي وواجَهَ أكثر مِن تهديد بالقتل.
ونال القاسم جوائز عدة، منها "غاز الشعر" من إسبانيا، وعلى جائزتين من فرنسا، كما على "جائزة البابطين" الشهيرة، وأيضا على جائزة "وسام القدس للثقافة" و"جائزة نجيب محفوظ" من مصر، وعلى "جائزة السلام" و"جائزة الشعر" الفلسطينية.
وأشتهر القاسم بمقاومته للتجنيد الذي فرضته إسرائيل على الطائفة الدرزية التي ينتمي إليها، وهو شهير أيضا بنثرية شعرية ترددها بصوته قنوات عربية وفلسطينية، خصوصا وسط الهجوم على غزة هذه الأيام، وفيها يقول: "تقدموا.. تقدموا براجمات حقدكم وناقلات جندكم، فكل سماء فوقكم جهنم.. وكل أرض تحتكم جهنم".
صَدَرَ له أكثر من 60 كتاباً في الشعر والقصة والمسرح والمقالة والترجمة، وصدَرتْ أعماله الناجزة في سبعة مجلّدات عن دور نشر عدّة في القدس وبيروت والقاهرة.
وترجِمَت له العديد من اعمال الشاعر الراحل سميح القاسم وقصائده إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والتركية والروسية والألمانية واليابانية والإسبانية واليونانية والإيطالية والتشيكية والفيتنامية والفارسية والعبرية واللغات الأخرى.
وكان القاسم من مؤسسي صحيفة "كل العرب" ورئيس تحريرها الفخري، إلى جانب إسهامه في تحرير "الغد" و"الاتحاد" ثم رَئِسَ تحرير جريدة "هذا العالم" عام 1966. ثُمَّ عاد للعمل مُحرراً أدبياً في "الاتحاد" وآمين عام تحرير "الجديد" ثمَّ رئيس تحريرها. وأسَّسَ منشورات "عربسك" في حيفا، مع الكاتب عصام خوري سنة 1973، وأدار فيما بعد "المؤسسة الشعبية للفنون" في حيفا. وترأس الاتحاد العام للكتاب العرب الفلسطينيين منذ تأسيسهما.
وكتب سميح القاسم العديد من القصائد المعروفة والمشهورة من بينها تلك التي غناها مرسيل خليفة ويغنيها كل اطفال فلسطين وتغنى في كل مناسبة قومية "منتصب القامة امشي.. مرفوع الهامة امشي.. في كفي قصفة زيتون.. وعلى كتفي نعشي.. وانا امشي وانا امشي".
وتوزّعت أعمال سميح القاسم ما بينَ الشعر والنثر والمسرحية والرواية والبحث والترجمة ومن بينها، مواكب الشمس، أغاني الدروب، دمي على كفِّي، دخان البراكين، سقوط الأقنعة، يكون أن يأتي طائر الرعد، إسكندرون في رحلة الخارج ورحلة الداخل، قرقاش، عن الموقف والفن.