صحافة رياضية قليلة الحيلة

هذا ليس شأناً داخلياً يخص مهنة الصحافة وحدها.. لكنه بالتأكيد قضية عامة تستدعى التوقف والانتباه.. فأن ترفض السفارة الإثيوبية فى القاهرة منح تأشيرات دخول بلادها لقرابة أربعة عشر صحفياً ومصوراً رياضياً كانت مؤسساتهم تود سفرهم لمرافقة الأهلى إلى أديس أبابا وتغطية ومتابعة مباراته هناك أمام البن الإثيوبى فى دورى الأبطال الأفريقى ـ هذا فى حد ذاته يعنى أننا أمام حدث يلزمنا بأكثر من سؤال.. فالخارجية المصرية لم تنجح فى حل هذه الأزمة رغم اتصال الصحفيين بها طلباً لمساعدتها..
وكان أيمن عيسى كرئيس لمجلس الأعمال المصرى الإثيوبى قد بشرنا مؤخرا بعلاقات رائعة وتعاون ووفاق بين مصر وإثيوبيا.. وأن البلدين لم يشهدا أبدا من قبل مثل هذا التعاون والتنسيق والتفاهم والاتفاق.. وفجأة تأتى رحلة الأهلى إلى إثيوبيا فنكتشف هذا الموقف الغريب والصادم لسفارتها فى القاهرة مما يجعلنا نتشكك فى صدق وجدوى ما يقال لنا من تصريحات دبلوماسية وإعلامية.. والحكومة التى تعجز بوزارتيها «الخارجية» و«التعاون الدولى» عن استخراج أربع عشرة تأشيرة عادية لصحفيين مصريين لن نصدق ما تقوله عن استثمارات وروابط سياسية واتفاقات بشأن أى سدود تقام عند منابع نهر النيل.. أما المجلس القومى للرياضة.. فقد كان أيضا غائبا تماما عن هذه الأزمة.. ومن قبيل المفارقات أن الدكتور عماد البنانى كان صباح أمس الأول يستقبل فى مكتبه بيتر كيفك السفير المجرى فى القاهرة لبحث سبل تفعيل العلاقات الرياضية بين البلدين وتوقيع مذكرة تفاهم لتبادل الخبرات فى المجال الرياضى..
بينما كان الصحفيون فى الوقت نفسه تقريبا يقفون أمام السفارة الإثيوبية فى القاهرة ممنوعين من الدخول ولا يجدون أحدا يحترمهم أو حتى يحاورهم.. وهى فرصة لأن نتوقف أمام كل هذه الاتفاقيات التى نشهد كل يوم توقيع الجديد منها سواء فى شكل توأمة أو تفاهم أو تبادل خبرات.. ونقبل بذلك ونسكت ونحن لا نفهم أصلا معنى هذه التوأمة التى باتت تزعجنا طول الوقت.. بينما حين نحتاج لأى جهد أو دور أو نفع حقيقى لا نجد أحدا من مسؤولينا ولا يشفع لنا كل ما احتفلنا به سابقا من توأمة وتآخ وحب وود واتفاق.. وسيقول المجلس القومى للرياضة إن سفر الصحفيين الرياضيين فى أى رحلة عمل هو أمر لا يعنيه وليس من شؤونه.. وهذا غير صحيح..
فالمجلس القومى للرياضة ليس من شأنه البطولات الرياضية ودورى كرة القدم أو احتراف الأندية.. لكن من صميم اختصاصه رعاية الإعلام الرياضى وتطويره واحترامه تماما مثل مكانة الرياضة فى المجتمع والمدرسة والجامعة والبنية الرياضية الأساسية فى مصر.. أما رابطة النقاد الرياضيين.. فقد كانت أيضا غائبة تماما عما يجرى لأعضائها الذين تقدموا قبل أسبوعين بجوازات سفرهم وخطابات رسمية تفيد بأنهم فى رحلة عمل رسمية.. ورغم ذلك لم يكترث محمود درير، السفير الإثيوبى بالقاهرة، بكل ذلك ولم يقبل أى خطاب من أى صحيفة قومية أو خاصة بل لم يتفضل حتى بشرح أسبابه التى تجعله يرفض لقاء أى صحفى مصرى أو سفره إلى إثيوبيا..
وكنت أظن أن هذا أحد الواجبات الأساسية للرابطة الأولى بالرعاية والاهتمام مثلما تنتفض ثورة وغضباً إن فكر لاعب أو مدرب كرة فى المساس بالصحافة.. ولن أتحدث بالطبع عن نقابة الصحفيين التى يبدو أنها لا تعرف فى هذا العالم الكبير إلا سفارتين فقط.. سفارة إسرائيل لتحرق علمها بين الحين والآخر.. وسفارة الولايات المتحدة الأمريكية التى يأتى منها الدعم المالى والمعنوى والإعلامى لمنظمات المجتمع المدنى وحقوق الإنسان.. وهل يأمن الأهلى رحلة تم منع الإعلام المصرى عنها وعن تغطيتها فى ضوء التوتر هناك.. أما كلمتى الأخيرة فهى للصحفيين الرياضيين أنفسهم.. وأنا واحد منهم بالتأكيد.. فنحن للأسف الشديد لا يعلو صوتنا إلا حين نخوض حروبا أهلية بيننا وبين بعضنا.. نتبادل الشتائم والإهانات والسخرية.. وحين يفاجئنا مثل هذا الموقف لا تسمع لنا صوتا لنبدو على حقيقتنا أمام أنفسنا وأمام الآخرين أيضا.
نقلاً عن المصري اليوم