دستورك.. غير دستوري!

عقدت اللجنة التأسيسية لوضع الدستور المصري الجديد أولى جلساتها، متجاهلة الانتقادات التي وجهتها إليها القوى السياسية الأخرى خاصة الليبراليين واليساريين بسبب هيمنة القوى الإسلامية على تشكيلها، وانتخاب رئيس مجلس الشعب سعد الكتاتني رئيساً لها، في وقت اتسعت موجة الانسحابات من هذه اللجنة لتشمل المحكمة الدستورية وقرابة 25 من أعضائها الأصليين والاحتياطيين.
أوجه الاعتراضات والاحتجاجات شملت أيضاً ضعف تمثيل المرأة والأقباط فيها، واستبعاد الخبراء الدستوريين المشهود لهم بالكفاءة منها. الأمر الذي دفع البعض إلى البحث عن منافذ أخرى وتشكيل لجان ترضيهم لوضع دستور يمثلهم ، فمن العيب أن تحيا بدولة يفرض عليك فيها دستور ليس دستورك ، "مفروض" عليك، ولا يعبر عنك.
وفي ظل استمرار تجاهل اللجنة التأسيسية لوضع الدستور الاحتجاجات على تشكيلها لجأت بالفعل القوى السياسية إلى تشكيل لجان لوضع الدستور الذي يمثلهم ، ومن تلك الحملات، حملة اكتب دستورك التي أطلقتها حركة 6 أبريل، وحملة جبهة دستور لكل المصريين التي أطلقتها اللجنة الشعبية للدستور وأعلنت عدة أحزاب وحركات سياسية وشعبية وثقافية الانضمام إليها .
والأمر ليس بغريب عن اتجاه الحركات السياسية لوضع البدائل وقت الأزمات لكن لا يزال مطلوبا من كل القوى أن تتوحد حول صيغة لدستور يضمن حقوق كافة المواطنين الأساسية دون تمييز فى الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم، وأن يضمن تمثيل جميع فئات وقوى المجتمع في كتابته والتوافق عليه.
لكن الغريب في الأمر ورغم كل هذا هو تأكيد قيادات جماعة الإخوان المسلمين، ومنهم الدكتور صبحي صالح و الدكتور محمد سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب ، أنه لن يتم الإعداد للدستور إلا باتفاق كل أطياف المجتمع والثوار. فأي اتفاق تم واللجنة التأسيسية ماضية في عملها؟
والأكثر غرابة تصريحات الكتاتني أنه سيتم تخصيص موقع إلكتروني تعرض فيه جميع الآراء والمناقشات لتكون أمام الشعب ليرى رأيه فيها. فأي مناقشات ستتم مع طوائف الشعب مع استبعاد عدد كبير من الجهات الرسمية والكيانات النقابية التي تمثلهم من تأسيسية الدستور؟ وما هي طبيعة المناقشات التي ستعتمدها اللجنة التأسيسية للدستور في التعامل مع اعتراضات الشعب الذي ستعرض عليه، من خلال هذا الموقع الالكتروني، ما تصل إليه في كتابة الدستور؟ وإذا كانت اللجنة لا مانع لديها ولا عذر شرعي ولا سياسي كما تدعي من مشاركة الشعب في كتابة دستوره، فلماذا التعنت أمام مشاركة ممثلي الشعب والنقابات والشخصيات العامة بهذه الطريقة التي اختيرت بها اللجنة التأسيسية؟