قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

العدالة المفقودة بين القطاعين الحكومي والخاص!

0|عبد الفتاح بدوي

في أي دولة تحترم أبناءها لا يصح أن يوجد تمييز في أي مجال أو منحى من مناحي الحياة بينهم، لكن يبدو أن الأمر مختلف في مصر، أول دلائل هذا الاختلاف يتمثل في مشكلة أزلية لا تلتفت إليها الحكومات المتعاقبة منذ عشرات السنين، وللأسف خلقت فجوة كبيرة بين شريحتين عظيمتين من شرائح المجتمع، وهي التفريق بين نظامي العمل الحكومي والخاص.

في معظم شركات القطاع الخاص لا أمان وظيفي، صاحب العمل يجبر العامل على توقيع استقالة مسبقة قبل استلام مهام وظيفته، مستغلا حاجته، الفصل التعسفي مصير أي عامل يطالب بحق من حقوقه، وللأسف يقف القانون دائما إلى جانب صاحب العمل.

قبل عدة أيام أبدت وزيرة القوى العاملة الدكتورة ناهد عشري استغرابها من عدم إقبال الشباب على وظائف القطاع الخاص، رغم توفر آلاف فرص العمل، وأقول لها يا سيادة الوزيرة إن السبب وراء عزوف الشباب عن وظائف القطاع الخاص هو عدم وجود قانون أو رقابة تحمي العامل في القطاع الخاص، بما يجعله تحت رحمة صاحب العمل طوال الوقت.

«استمارة 6» ورقة تنهي مسيرة العامل في القطاع الخاص وتلقي به وبأبنائه وأسرته إلى الشارع، مهما قضى من وقت في خدمة شركته أو مصنعه أو صحيفته، هذا في حالة إذا وافقت المؤسسة على التأمين عليه من الأساس، أما الغالب فإن معظم المؤسسات لا تؤمن على أحد، وتترك العمال بلا حقوق أو حتى دليل يثبت عملهم داخلها، لذلك باتت تلك الورقة صك عبودية يلجأ إليه بعض أصحاب الشركات والمصانع الخاصة، حيث يوقع عليها العامل قبل استلامه العمل كاستقالة استباقية، بالمخالفة للقانون، لكنه يجد نفسه مجبرا على هذا حتى يتسلم عمله ويكفي مؤونة أبنائه.

هذه الورقة تظل قابعة في ملف العامل أو الموظف قنبلة موقوتة تنتظر الانفجار في أي لحظة لتدمر الملف تماما ومعه مستقبل العامل واستقرار أسرته.

يجب وضع قانون يجرم استغلال حاجة العامل للعمل للحصول على توقيعه استمارة 6.

بعض الشركات والمؤسسات تلجأ إلى هذه الورقة لإنهاء خدمة العمال أو الصحفيين القدامى عندما ترتفع رواتبهم مع الزيادات السنوية، فتلجأ إلى فصله لأي سبب هين.

إحدى الصديقات تعمل في مؤسسة قطاع خاص روت لي أسلوب مديرها المباشر وصاحب المؤسسة في التعامل مع الفتيات، مستغلا في ذلك عدم وجود قانون قوي يحكم المنظومة برمتها، فيتحرش بهذه ويسب تلك، ويفصل من لا تعطيه "برستيجه"، أو تبدي إعجابها به، والمؤسف في القصة أنه يفعل ذلك على مرأى ومسمع من زوجته التي تعمل في المكان نفسه.

وفي المؤسسات الصحفية الخاصة هناك آلاف المحررين أمضوا سنوات داخل مؤسساتهم، دون أن يتم تعيينهم، يعين رئيس تحرير المؤسسة من يأتي على هواه، وأيضا يفصل من لا يأتي على هواه، حتى لو أمضى 5 سنوات داخل الصحيفة، ويقر زيادة في الراتب للبعض ويحرم البعض الآخر، والعجب العجاب ألا أحد يسأل عن هؤلاء رغم عشرات الاحتجاجات أمام نقابة الصحفيين، والمجلس الأعلى للصحافة ومقر الحكومة، بل ومقر الرئاسة في بعض الأحيان.

يا سيادة الوزيرة.. يا حكومات مصر المتعاقبة.. يا برلمان مصر.. يا سيادة الرئيس.. احموا أبناء القطاع الخاص من أصحاب الأعمال، ساووا بين القطاعين الخاص والحكومي تتحقق العدالة الاجتماعية التي ينشدها الجميع، ضعوا قانونا موحدا يحكم العاملين في كل أنحاء الدولة بكل قطاعاتها الحكومية والخاصة وقطاع الأعمال وغيرها، قانون يضمن رعاية شاملة، وتأمينا صحيا واجتماعيا، وفي الوقت ذاته يضمن حق صاحب العمل ويحفظ حق الدولة.

الأمان الوظيفي في القطاع الخاص هو الضامن الوحيد لحل مشكلة عزوف الشباب عن العمل فيه و"الجري" وراء الوظيفة الحكومية التي تحقق أمانا وانتظاما في العلاوات والزيادات السنوية وغيرها من الميزات التي لا يفتقدها أبناء القطاع الخاص، هذه المساواة ستصب في صالح الدولة، ذلك أنه سيتم تطبيق قواعد صارمة تضمن انضباط الموظف الحكومي في الحضور والانصراف والأداء الوظيفي، وغيرها من القواعد التي تطبق بحذافيرها على أبناء القطاع الخاص، وتشهد غيابا في القطاع الحكومي الذي اعتاد معظم أبنائه على "التزويغ" قبل انتهاء العمل، ناهيك عن نظام المجاملات في التوقيع بدفاتر الحضور حتى في حالة الغياب عن العمل، وغيرها من أشكال الخلل في الجهاز الحكومي.

انعدام الثقة بين العمال وأصحاب الأعمال في القطاع الخاص، وعدم قدرة العامل على الحصول على حقه، سيدفع بالشباب إلى مزيد من البطالة والعزوف عن العمل في القطاع الخاص مهما كان راتبه.

أرجو الحكومة بإقرار عدالة اجتماعية في مسألة العمل، التي هو لب حياة المصريين وسبب رضاهم أو ربما سخطهم على الحكومة والنظام ككل.
[email protected]