الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محمد شداد يكتب .. "شروط التأليف"

صدى البلد

من باب نشر العلم لكي نحوز الثواب من عند الله تبارك وتعالى فلقد وقعت على كلام أعجبني ل جرجي زيدان في الجزء الثاني من كتابه تاريخ آداب اللغة العربية يقول في مقدمته :عَنْوَنَهُ بقوله : شروط التأليف ..وسأنقله بتصرف دون الخوض في التفاصيل :
يقول : من يتصدى للكتابة أو التأليف، يجعل نفسه خادما للمصلحة العامة إلا من يحصر كتابته في شئون خصوصية ، أو يعالج موضوعا يلذ له ولا يهمه سواه، أو يمارس الكتابة لأغراض معينة، أو يكون هدفه من الـتأليف بيان قدرته على الإنشاء والغوص على المعاني العويصة والالفظ الغريبة بتقليد أساليب القدماء ؛التماسا لإعجاب العلماء ،مما يشق فهمه على جمهور القراء ..فهؤلاء وأمثالهم يكتبون لأنفسهم أو لطبقة خاصة أو لغرض خاص ،ولهم منزلة وفضل في غير الخدمة العامة ،وإذا لم يصادفوا إقبالا من الجمهور اتهموه بالجهل وهددوه بالإعراض والتقاعد عن الكتابة ،مع أنه لم يشعر بوجودهم لأنهم لم يخاطبوه بلسانه .
وأما الكاتب العام فإنه خادم الأمة وولي إرشادها وعليه أن يبذل الجهد في سبيل مصلحتها ولا بد له في تأليفه من ثلاثة شروط :
الأول : اختيار الموضع الذي يرى الأمة في حاجة إليه ، والثاني :أن يسبكه في قالب يسهل تناوله ، الثالث :أن يتوخى صدق اللهجة والصراحة بلا انحياز إلى طائفة او حزب والكتاب يتفاوتون قدرة على القيام بأحد هذه الشروط أو كلها .
إلى هنا انتهى كلام جرجى مختصرا :وهو كلام محترم للغاية ولجرجي تآليف رائعة حقا عندي منها قدر منها وهو يريد أن يقول أن الأصل في الكتابة هو الصالح العام أو النفع العام، أي لا يحصر الإنسان نفسه في دائرة ضيقة ،ويجعل ذاته في برج عاجي ،ويسردق علمه في إطار محدد ؛لأن الغرض الأساسي هو التواصل وتبادل المنافع العلمية، فعلى الكاتب ألا يجعل أسلوبه مستغلقا مبهما غامضا، بحيث لا يفهمه قطاع عريض من البشر ،ولا يجعله ينزل إلى الدرك الأسفل من الأساليب؛ فخير الأمور الوسط لأن الكاتب لا يكتب لنفسه فقط وإنما يكتب للآخرين أيضا فهو وإن كان يحب أن يستمتع بإبداعه إلا أن هذا الاستمتاع لا يتم إلا باستمتاع الجمهور والقراء ولن يتم لهم ذلك إلا بفهم ما يقال ، ولذلك لما سألوا أبا تمام :لماذ تكتب أو لماذ تقول مالا يُفْهَم؟ فقال بذكاء : ولمَ تفهمون ما يُقَال ؟ وهذا متطابق مع قول الحبيب صلى الله عليه وسلم "خاطبوا الناس على قدر عقولهم "
أما شروط التأليف التي ذكرها فهي منطقية تماما فاختيار الموضوع وحسن رصفه وصدق اللهجة من الأمور المهمة التي تجعل القارئ يقبل عليه وينتفع به .
وأختم ببيت شعر قاله بعضهم :
إذا مر بي يوم ولم أستفد علما ولم أدخر يدا فما ذاك من عمري