في حوار لـ"صدى البلد".. المتحدث باسم "الطب الشرعي": 100 طبيب شرعى فقط فى مصر.. ونستقبل 25 جثة مجهولة كل شهر

الطب الشرعى: الجهة الوحيدة التى لم تزيد رواتبها منذ الثورة
المتحدث باسم الطب الشرعى: نناشد الدخلية ضرورة تأمين المصلحة
لا يوجد عسكرى خاص بحراسة المبنى
الطب الشرعى فى مصر غير مُسيس.. تابعيتنا للقضاء إدارية فقط
نتمنى من الحكومة رفع الأجور والمساواة بطبيب الصحة
تعتبر من أكثر المهن مشقة، يقضى بها الشخص عمره ليدقق ويتفحص فى ملامح الأموات بين جثة مشوهة وأخرى محروقة وثالثة مجهولة الهوية.. إنها مهنة "فك الألغاز" وكشف المستور سواء لشخص قُتل مسموما أو منتحرا أو أُزهُقت روحه برصاصة.. إنه الطبيب الشرعي.
يخترق "صدى البلد" العالم السرى للطب الشرعى للتعرف على كواليسه لنعلم أهم المشكلات التى يعانى منها الطب الشرعى فى مصر، ولماذا يحسبه البعض على القضاء؟ وكيف سقط من خريطة تأمين الداخلية.. ومعلومات كثيرة فى حوار ساخن مع الدكتور هشام عبد الحميد، المتحدث الرسمى باسم مصلحة الطب الشرعى فى مصر، وفى التالى تفاصيل الحوار.
فى البداية.. كم عدد الأطباء الشرعيين فى مصر الآن؟
عدد الأطباء الشرعيين فى مصر 100 طبيب وهذا بعد أن أضيف إليهم 15 طبيبًا، حيث كانوا 85 طبيبا فقط منذ أسبوعين.
وهل من وجهة نظرك ترى أن هذا العدد كاف؟
لا بالطبع غير كاف، لأنه من المُتبع عالميا أن يكون هناك طبيب شرعى لكل 250 ألف مواطن، وهذا يعنى أنه من المفترض أن يكون فى مصر على الأقل قرابة 360 طبيبا لـ90 مليون مواطن.
من الواضح أن هناك صعوبات فى التقدم لشغل وظيفة طبيب شرعى قد تكون هى السبب فى قلة عددهم.. فما هى أهم هذه الصعوبات؟
فى الحقيقة صعوبة المهنة نفسها هى التى تمنع الكثيرين من العمل كأطباء شرعيين، كما أن العديد من الدول العربية ودول الخليج تستقطب الأطباء المصريين وبرواتب مجزية للعمل كأطباء شرعيين لديهم.
وما الشروط التى يجب توافرها فى الطبيب من أجل العمل بالطب الشرعى؟ وكيف يتم تعيينهم؟
يتم عمل إعلان لكل خريجى الطب على مستوى مصر، بحيث يكون حاصلا على بكالريوس طب وجراحة، وبعد ذلك يتم عمل اختبار ومقابلة معه ويعتمد الاختبار فى أساسه على قوة الشخصية، بحيث لابد أن يكون ذا شخصية ثابتة قوية لا يخشى فى الحق لومة لائم، وأن يكون صاحب كلمة يستطيع أن يقف امام المحكمة ويفسر ويتناقش، ثم يدخل المقبول من المتقدمين فى فترة تدريب لمدة 6 أشهر، وبعدها يحلف اليمين ثم يتسلم عمله.
كم طبيبًا تقدم فى آخر إعلان؟
كنا نحتاج 32 طبيبا من حوالى سنة وتقدم 66 طبيبا، تم قبول 22 وهم الذين توافرت بهم الشروط واجتازوا الاختبارات، وفى النهاية جاء منهم 16 طبيبا فقط.
ما الإمكانيات التى تنقص الطب الشرعى فى مصر؟
مشكلة الطب عموما تتعلق دائما بتحديث الأجهزة وتطويرها بشكل مستمر، وهذا ما ينقصنا أيضا فى الطب الشرعى، حيث إننا نحتاج إلى تحديث الأجهزة، وذلك من أجل سرعة إنجاز التقارير وليس بهدف الدقة، فيمكن للطبيب أن يعمل تحليل بشكل يدوى وتكون نتيجته فى منتهى الدقة لكن قد يحتاج هذا المزيد من الوقت والجهد، كما أن محافظات الصعيد بشكل عام وبعض محافظات وجه بحرى تحتاج الكثير من الأجهزة أيضا.
وهل ميزانية الدولة تكفى لتوفير هذه الإمكانيات؟
ميزانية الدولة خلال 4 سنوات الماضية لا تكفى نظرا للظروف الاقتصادية التى كانت تمر بها البلاد، ولكن هناك بعض جهات دولية مانحة مثل الاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة، كما أن ألمانيا ساهمت منذ شهر فى تحديث الأجهزة الخاصة بالسموم والمخدرات من أجل أن تعمل بشكل أسرع، ونتمنى من الله أن تتحسن أوضاع البلاد عن قريب.
كم عدد الثلاجات المتاحة فى مشرحة زينهم؟
المشرحة بها 110 ثلاجات لتستوعب 110 جثث.
هل هناك رؤية لإحداث تطوير بالمشرحة؟
بالفعل كنا نفكر فى نقل مشرحة زينهم من مكانها نظرا لتواجدها فى منطقة سكنية مزدحمة، وبالفعل كانت هناك خطة لنقلها على مساحة 5.4 فدان فى مدينة بدر، وذلك طُرح بالفعل فى آخر اجتماع مع الدكتور حازم الببلاوى، رئيس وزراء مصر وقتها، ولكنى أعتقد أن المكان بعيد، خاصة أن المشرحة تخدم أهالى محافظتى القاهرة والجيزة معا.
ما آخر تطوير تم إجراؤه بالمصلحة؟
تم تحويل ثلاجة بها 28 عينا عن طريق متطوع، وهى خاصة بجثث المجهولين من تبريد إلى تجميد، وبهذا نكون توصلنا إلى حل مشكلة كبيرة وهى الروائح الكريهة التى قد تنتج عن الجثث المتعفنة المجهولة والتى تظل فترة طويلة فى المشرحة.
هل معدل الجثث المجهولة التى تأتى إلى المشرحة كبير؟
يأتى إلى المشرحة حوالى 25 جثة مجهولة شهريا، ولدينا ثلاجات تستوعبها، حيث نقوم باتخاذ الإجراءات منها تصوير الجثامين وأخذ بصمة DNA وهناك بعض الحالات يتم التعرف عليها والباقى يتم دفنه بمقابر الصدقة.
هل توجد تدخلات من أي جهة فى عمل الأطباء الشرعيين؟
لا يوجد أى تدخل فى عمل الطب الشرعى على الإطلاق من أى جهة.
لكن البعض من الحقوقيين وغيرهم طالب باستقلال الطب الشرعى عن القضاء.. بل واتهموه بعدم الحيادية فى بعض التقارير الخاصة ببعض الوقائع عقب ثورة 25.. فما تعليقك؟
الطب الشرعى على مستوى العالم يتبع أحد أربع جهات وزارة العدل أو الداخلية أوالصحة أوالجامعات، ولكن الأنسب أن تكون التبعية لوزارة العدل لأن وزير العدل فى الأول والآخر قاض لن يسمح له ضميره بالتدخل، كما أننا لو كنا تابعين للصحة كنا سنواجه اتهامات بالتقصير فى قضايا الإهمال الطبى، ولو كنا تابعين للداخلية كنا سنواجه اتهامات حول قضايا التعذيب وهكذا، كما أن تبعيتنا للعدل إدارية فقط ومالية ولكن الشأن الفنى مستقل استقلالا تاما ونحن أبرياء من أى انحياز والطب الشرعى غير مُسيس.
الطب الشرعى فى العالم يتميز بأنه شامل التخصصات.. هل هذا متوفر فى مصر؟
للأسف ليس لدينا الإمكانية لتعدد التخصصات فى الطب الشرعى فى مصر حتى الآن لأن هذا يحتاج إمكانيات عالية، ولكن الطب الشرعى هنا مُقسم إلى 4 أقسام، وهى أولا المعامل الميدانية، وهى أساس الطب الشرعي وتخصص للكشف عن حالات الوفيات في جنايات القتل والاشتباه والكشف على الأشلاء أو استخراج الجثث بعد دفنها، وثانيا معامل التحاليل الدم الطبية، وثالثا المعامل الكيماوية وهى المسئولة عن التحاليل الكيمائية وتحاليل تعاطي المخدارات والسموم والتعرف على أسباب الوفاة وغيرها، و رابعا أبحاث التزييف والتزوير وتختص بالتعرف على جرائم التزييف والتزوير فى الأوراق والمحررات.
إذا تحدثنا عن مطالبكم.. ما هو المطلب الذى تناشدون الدولة تحقيقه لكم؟
تحسين الرواتب.. فنحن نعلم الأعباء الاقتصادية التى يعانى منها البلد، وفى كل الأحوال سوف نعمل بأعلى كفاءة إيمانا منا بالدور الوطنى الذى تقوم به المصلحة، ولكننا أيضا نأمل من الدول رفع راتب الطبيب الشرعى، فنحن الجهة الوحيدة تقريبا عقب الثورة التى لم يتم رفع راتبها، وكل ما نريده على الأقل أن نتساوى بأطباء وزارة الصحة عقب الكادر الجديد، كما أن الطبيب العادى لديه ميزة أنه يحق له فتح عيادة خاصة به عقب الانتهاء من عمله، بينما الطبيب الشرعى ممنوع أن يتعامل مع الجمهور مطلقا.
وفى النهاية.. حدثنا عن أخطر مشكلة تواجها المصلحة؟
غياب الأمن، فنحن للأسف على الرغم من أهمية المبنى الذى به مختلف أنواع الأحراز وأسرار قضايا، إلا أنه لا يحرسه عسكرى واحد خاص لحمايته، لذلك نناشد الدولة تأمين المصلحة بحراسة خاصة بها، فالأمر وصل إلى أنه فى بعض الوقائع يقوم الأهالى بالتعدى على العمال والأطباء.