تعرف على أسباب نزول «قلب القرآن»

سورة "يس" هي إحدى سورِ القرآن الكريم، وهي السورة التي تحمل الرقم 36 بين سور القرآن الكريم حسب المصحف العثماني المُتَّبعُ في كلِّ الأمصار الإسلامية، عددُ آياتِها 83 آية، كُلها مكية، وقيل: ما عدا الآية 45 منها فهي مدنية، ونزلت بعد سورة الجن.
وبدأت السورة بـ" يس" وهي من الحروف المقطعة التي لا يعلم مرادها إلا الله، وقيل: إن المراد منها أن الله أتى بالحروف المقطعة ليتحدى بها العرب، حيث إنهم لم يستطيعوا الإتيان بمثلها.
وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْباً وَإِنَّ قَلْبَ الْقُرْآنِ يس، مَنْ قَرَأَهَا قَبْلَ أَنْ يَنَامَ أَوْ فِي نَهَارِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ كَانَ فِي نَهَارِهِ مِنَ الْمَحْفُوظِينَ وَالْمَرْزُوقِينَ حَتَّى يُمْسِيَ، وَمَنْ قَرَأَهَا فِي لَيْلِهِ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ مِائَةَ أَلْفِ مَلَكٍ يَحْفَظُونَهُ مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ وَ مِنْ كُلِّ آفَةٍ، وَ إِنْ مَاتَ فِي يَوْمِهِ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ».
ومن أسباب نزول سورة يس أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في السجدة فيجهر بالقراءة حتى تأذى به ناس من قريش، حتى قاموا ليأخذوه وإذا أيديهم مجموعة الى أعناقهم وإذا هم عميٌ لا يبصرون، فجاءوا الى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: "ننشدك الله والرحم يا محمد، فدعا حتى ذهب ذلك عنهم"، فنزلت "يس* وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ... إلى قوله أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ".
فلم يؤمن من ذلك النفر أحد، أما بالنسبة لسبب نزول الآية الثامنة "إنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلالاً.. إلى قوله لاَ يُبْصِرُونَ"، قال أبو جهل: "لأن رأيت محمداً لأفعلنّ ولأفعلنّ"، فأنزل الله هذه الآية حيث كانوا يقولون لأبو جهل هذا محمد، فيقول: "أين هو؟ أين هو؟" فهو لا يبصر.
وذكرت في السورة قصة حبيب النجار، حيث آمن هذا الرجل بالرسل وكان يسكن في أقصى البلد، وكان قد دعا قومه لاتباع المرسلين ولكنهم كذّبوه وحاول إقناعهم قائلاً لهم: "إني أعبد الذي خلقني والذي يستحق العبادة وهو بعد الموت سيجازيكم بكفركم، لأنكم عبدة الأصنام التي زعمتموها"، وذلك كما ورد فى قوله تعالى: «وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ* اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ* وَمَا لِي لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ* أَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِ آلِهَةً إِن يُرِدْنِ الرَّحْمَن بِضُرٍّ لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلاَ يُنقِذُونِ* إِنِّي إِذًا لَّفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ* إِنِّي آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ».
وكان يحاول إقناعهم بالإيمان ولكنهم رجموه حتى مات، وعند موته قال الله له: "ادخل الجنة حياً"، فبدلاً من أن يحاول أن ينتقم ممن رجموه كان يقول: "يا ليت قومي معي في الجنة"، ولكن الله تعالى أنزل عليهم الصيحة، حيث صاح بهم جبريل فأصبحوا ساكنين ميتين، لقوله تعالى: «قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ* بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ* وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِنْ جُندٍ مِّنَ السَّمَاء وَمَا كُنَّا مُنزِلِينَ* إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ».
وأيضا من أسباب النزول أنه كانت بنو سلمة في ناحية المدينة فأرادوا النقل الى قرب المسجد فنزلت الآية الكريمة "إنّا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم"، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن آثاركم تكتب، فلا تنتقلوا"، وفي رواية أخرى أنه جاء العاصي بن وائل إلى رسول - صلى الله عليه وسلم - بعظم حائل ففته قال: "يا محمد أيبعث هذا ما أرم؟ قال: "نعم يبعث الله هذا، ثم يميتك ثم يحييك ثم يدخلك نار جهنم"، فنزلت الآية "أَوَلَمْ يَرَ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ.. إلى آخر السورة"، وأجمع العلماء أن الإنسان المقصود في الآية هو أبي بن خلف.