الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الجندي يوضح آراء العلماء في «مصافحة الرجل لزوجته تنقض الوضوء»

صدى البلد

قال الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن لمس الزوجة من مسائل الخلاف المشهورة بين فقهاء المذاهب المعتبرة، فقد وردت فيها بعض الأدلة المأثورة المتعارضة في الظاهر، فتمسك كل فريق بما فهمه من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلهم مجتهد مأجور.
وأضاف الجندي لـ«صدى البلد»، أن علماء المذهب الشافعي فقالوا إن لمس الرجل بشرة زوجته وأي امرأة أجنبية ليست من المحارم ناقض من نواقض الوضوء، ولو كان المس بدون شهوة، واستدلوا عليه بقول الله تعالى: «وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا» المائدة/6.
وأوضح المفكر الإسلامي، أن الإمام الشافعي رضي الله عنه فسر قوله تعالى: «لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ» بأنه التقاء البشرة البشرة ولو بغير جماع، وذلك لأمور، منها: أولا: أن الله عز وجل ذكر الجنابة في بداية الآية، ثم عطف لمس النساء على الغائط بعد ذلك، فدل على أن لمس النساء من جنس الحدث الأصغر كالغائط، وذلك غير الجنابة، فيكون المقصود به اللمس باليد وليس الجماع.
وتابع: ثانيا: ثم هو ظاهر اللغة العربية، أن يكون «لامس» بمعنى «لمس» كما ورد في قراءة أخرى، وكلها بمعنى التقاء البشرة البشرة، قال تعالى: «فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ» الأنعام/7، وثالثا: واستدلوا بما ثبت عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "قبلة الرجل امرأته وجسها بيده من الملامسة، فمن قبل امرأته، أو جسها بيده، فعليه الوضوء"، رواه مالك في "الموطأ" بسند صحيح.
وجاء في "حاشية البجيرمي" (1/211): "اعلم أن اللمس ناقض بشروط خمسة: أحدها: أن يكون بين مختلفين ذكورة وأنوثة. ثانيها: أن يكون بالبشرة دون الشعر والسن والظفر. ثالثها: أن يكون بدون حائل. رابعها: أن يبلغ كل منهما حدا يشتهى فيه. خامسها: عدم المحرمية".
وأشار عضو مجمع البحوث الإسلامية، إلى أن الحنفية خالفوا في ذلك، فقالوا: إن لمس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقا، سواء كانت زوجة أم أجنبية أم محرما، وسواء كان المس بشهوة أم بغير شهوة، وقال السرخسي: «لا يجب الوضوء من القبلة ومس المرأة، بشهوة أو غير شهوة»، واستدلوا بأدلة كثيرة، منها: أولا: أن الأصل صحة الطهارة، ولا ينتقل عنه إلا بدليل صحيح صريح.
وأكمل حديثه: وثانيا: وردت بعض الأحاديث الصحيحة التي تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتوضأ من لمس عائشة، منها قولها رضي الله عنها: «كُنْتُ أَنَامُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَرِجْلاَيَ فِي قِبْلَتِهِ، فَإِذَا سَجَدَ غَمَزَنِي» متفق عليه. وقولها رضي الله عنها: «فَقَدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنَ الْفِرَاشِ فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ» رواه مسلم (رقم/486).
واستطرد: وثالثا: وأما الآية فتفسير اللمس فيها بالجماع، كقوله تعالى عن مريم الصديقة: (وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) آل عمران/47، وكما ذهب إليه جماعة من الصحابة، منهم علي بن أبي طالب، وابن عباس، بل روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أيضا.
وجمع المالكية والحنابلة بين أدلة الفريقين، فقالوا: اللمس الناقض للوضوء هو التقاء البشرة البشرة بشهوة، وهو المقصود في الآية الكريمة، أما مجرد الالتقاء بغير شهوة كما وقع من عائشة رضي الله عنها في الحديثين السابقين فهذا لا ينقض الوضوء.


-