قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

السعودية جزء من الأزمة .. و إيران أيضًا !

0|محمد الأباصيرى

روى الإمام أحمد في مسنده أن رسول الله –صلى الله عليه و سلم- قال :"ألا لا يمنعن أحدكم رهبةُ الناس أن يقول بحقٍ إذا رآه أو شهده ، فإنه لا يقرب من أجل ، و لا يباعد من رزق ، أن يقول بحق ، أو يُذَكِّرَ بعظيم" .
و عند الإمام ابن ماجة أنه –صلى الله عليه و سلم- قال :"لا يحقرن أحدكم نفسه ، قالوا : يا رسول الله ، كيف يحقر أحدنا نفسه ؟ قال : يرى أمرًا لله عليه فيه مقال ، ثم لا يقول فيه ، فيقول الله –عز و جل- له يوم القيامة : ما منعك أن تقول فيَّ كذا و كذا ؟ فيقول : خشية الناس ، فيقول :فإياي كنت أحقَّ أن تخشى" .
و انطلاقًا من هذين الحديثين الشريفين الصحيحين ، ننطلق لنقول ما نراه أنه الحق غير آبهين لقول أحد أو للوم الناس ، غير راغبين إلا وجه ربنا الكريم سبحانه .
ما أن حطَّ قطار الربيع العبري المشئوم (ربيع نتنياهو) بمحطة سوريا الحبيبة ، و ذلك في شهر مارس من عام 2011 م ، إلا و رأت سوريا ويلات و ويلات و خراب يتبعه دمار ، على أيدي أبنائها و غيرهم من شذاذ الآفاق الذين طاروا إليها زرافات و وحدانا ، و جاءوها من كل حدب و صوب .
إلا أن الأمر في حقيقته كان مختلفًا في بداية أمره في سوريا ، فقد نجحت تلك الثورات العبرية قبل أيام قلائل من نشر الفوضى في تونس و مصر و استدعت قوات حلف "الناتو" الإرهابية بمباركة الجامعة العربية لتدمير ليبيا و الاستيلاء على ثرواتها ، و ذلك كله تحت شعارات كاذبة خاطئة من أمثال (العيش ، الحرية، و العدالة الاجتماعية) ، و هو ما شجع أرباب تلك الثورات على تكرار تلك المسرحية الرخيصة في سوريا .
و بالفعل ما أن أعطيت إشارة البدء و حُدد موعد الانطلاق و حدد المجهولُ ساعة الصفر في سوريا ، حتى انطلق مظاهرات تدعو للتغير و إسقاط النظام ، على غرار كما حدث في الدول آنفة الذكر !
إلا أن هذه الخطة سرعان ما بدا للعيان أنها فاشلة في سوريا لا محالة ، و ذلك نظرًا لاختلاف الواقع السوري عما سواه من المجتمعات العربية التي استهدفها ذلك الربيع العبري .
فالواقع الاقتصادي و المستوى المعيشي بل و الواقع السياسي في سوريا يختلف تمامًا عن واقع الدول آنفة الذكر .
و لهذا لما خرجت التظاهرات المطالبة بالتغيير لم تجد مردودًا لدى المواطن السوري ، بل وجدت تفاعلًا عكسيًا بأن خرجت مظاهرات مضادة لها داعمة للنظام كانت تتساوى من حيث العدد و التأثير و القبول لدى السوريين ، بل تزيد عن المظاهرات المطالبة بالتغيير و التي بدأت تنحسر شيئًا فشيئًا حتى كادت تتلاشى .
و هنا كان بد من الانتقال إلى الخطة(ب) أو الخطة البديلة و التي دائمًا ما تكون معدة و جاهزة .
ليُكتشفَ فجأةً –وبقدرة القادر- أن "بشار الأسد" نجل "حافظ الأسد" و الذي ظل معارضوه يصفونه و من قبله أبيه و على مدار أربعين سنة ، بأنه :"بعثي ، علماني ، عدو الدين"! ، إذ به ينقلب إلى النقيض، ليتحول إلى :" رجل دين نصيري ، علوي ، شيعي ، كافر" ، و ما ذاك إلا ليُرفع شعار الطائفية ، فتكون السنية في مقابل الشيعية ، بدلًا من الديموقراطية في مقابل الاستبداد .
كانت الطائفية هي السبيل الذي استطاع من خلاله الربيع العربي أن ينفذ إلى الهدف المنشود بخراب سوريا و تقسيمها و القضاء على جيشها ، و ثم تسليمها فريسة سهلة و غنيمة باردة و لقمة سائغة لإسرائيل لتحقق بذلك حلمها الشيطاني الخبيث القديم المتجدد بـــ "إسرائيل الكبرى من نهر النيل إلى نهر الفرات" .
و نجحت الخطة و انطلقت بالفعل شرارة الطائفية المصطنعة البغيضة في سوريا لتتحول بسببها أرض الشام الحبيبة إلى ساحة للحرب الباردة بين السعودية و إيران ، و لكلٍ مناصريه ممن يدعهم و ينصرهم على الآخر ، و الخاسر الوحيد في ذلك كله هو الوطن "سوريا" و الذي تحول على أيدي أشرار الأرض إلى كومة كبيرة من الخراب ، يحتاج إلى عشرات السنوات ليعود إلى حالته التي كان عليها قبلُ ، هذا إن عاد !
دخلت المملكة العربية السعودية بكل ثقلها و رمت نفسها بمنتهى القوة في سوريا و دعمت-و بعض الدعم إثم- دعمًا معلنًا و خفيًا جماعات إرهابية تحت مسميات شتى بعضها سمى نفسه الجيش الحر – وكذبوا ، إذ لو كانوا أحرارًا ما دمروا بلادهم- ، و أخرى تسمت جبهة النصرة – و صدقت فهي نصرة ، و لكنها نصرة لإسرائيل و أحلامها- .
يعلم القاصي و الداني – بل و لا تخفي السعودية ذلك - حجم الدعم الذي تنفقه المملكة للمجموعات الإرهابية في سوريا ، سواء أكان دعمًا ماديًا أو لوجستيًا أو دعمًا بالعدد و السلاح أو توفير الغطاء السياسي و الأخلاقي بل و الديني لهذه المجموعات ، و هو أمر غير مقبول مهما كان المبرر ، إذ أن هذا الدعم السعودي المعلن –وما خفي منه أعظم- يعمق تلك الأزمة–ولا شك- و يزيدها و يجعلها عصية على الحل ، و يجعل السعودية جزءًا من الأزمة السورية ، لا جزءًا من الحل في سوريا .
فانطلاقًا من قول الحق من غير خوف لوم اللائم الذي بدأنا به كلامنا ، فإننا ندعو إخواننا و أشقائنا في المملكة –و الذين نُكِنُّ لهم كل محبة و إخلاص- أن يتوقفوا و فورًا عن شتى أشكال الدعم للمجموعات الإرهابية في سوريا ، ذلك أنه من يدعم الإرهاب لابد و أن يتذوق مرارته يومًا ما .
كما أنني أقرر أن إيران أيضًا تعد جزءًا أصيلًا – بل هي الجزء الأكبر - من الأزمة في سوريا و أن تواجدها سواءً كان تواجدًا مباشرًا عن طريق الحرس الثوري و غيره أو غير مباشر عن طريق حزب الله اللبناني أو غيره ، يعد ترسيخًا للطائفية ، و إزكاءً للحرب و تزكية لها ،و تبريرًا لوجود الحرب و استمرارها .
و أن على إيران أن تنسحب فورًا من سوريا إن كانت تريد حلًا و لا أظنها تريد .
و الخلاصة أنه كما أن على السعودية أن تكف يدها تمامًا عن دعم المجموعات الإرهابية في سوريا ، فإنه على إيران أيضًا أن تنسحب هي الأخرى و فورًا من سوريا ، و إلا فإنه لا حل يلوح في الأفق ، مادامت السعودية و إيران جزءًا من المشكلة و ليستا جزءًا من الحل .