الدين لله.. والوطن للإخوان

البلد دي ما فيهاش حكومة، الإخوان هما الحكومة.. البلد دي ما فيهاش برلمان، الإخوان هما البرلمان.. البلد دي ما تعرفش لجان للدستور.. الإخوان هما اللي هيعملوا الدستور.. هذه هى الرسائل التي تطلقها علينا جماعة الإخوان كل يوم منذ قيام ثورة يناير وحتى الآن، فما تفعله جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية حزب «الحرية والعدالة» يتجاوز كل مفردات العمل الحزبي المعروف، فهو ليس حزب يدخل في منافسة انتخابية ولكنه يصل إلى حد الرغبة في «التكويش على وطن بأكمله».
فقد بدأت الجماعة في غرفة صغيرة في الإسماعيلية عام 1928 ويريدون بعد 84 عاماً ألا يتركوا شبرًا واحداً في مساحة أرض مصر بما عليها خارج سيطرتهم، فلم ينته الأمر عند تراجع الإخوان -المعتاد- عن كل وعودهم مع الثوار والتيارات السياسية بشأن نسب المشاركة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة وكذلك تراجعهم عن وعودهم بشأن عدم وجود مرشح رئاسي إخواني، لنفاجأ بمرشحين أحدهما أساسي والآخر احتياطي في سابقة لم تحدث في العالم من قبل، ولكن ما فعلوه أخيراً في اللجنة التأسيسة للدستور يتجاوز الفكر الحزبي المؤسسي إلى الفكر الأخطبوطي الذي يريد السيطرة على العمود الفقري لهذا البلد.
فبعد إلغاء القضاء الإداري لقرار تشكيل «جمعية المائة» لتأسيسية الدستور وإلغاء قرار الكتاتني، رئيس مجلس الشعب، الخاص بتشكيل الجمعية في أبريل الماضي، أعلن أعضاء حزب الحرية والعدالة أنهم اتفقوا مع المجلس العسكري على أن تحتل التيارات الإسلامية 50 بالمائة من اللجنة التأسيسية على أن تحصل القوى الليبرالية واليسارية والناصرية على النصف الآخر، وبرغم أنها نسبة مجحفة فإن التيارات غير الإسلامية وافقت على هذه النسبة لتفاجئ هذه التيارات بمحاولة اعتبار حزبي «الوسط» و«البناء والتنمية» من نسب القوى الليبرالية كذلك مؤسسستا الأزهر والكنيسة، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد لنفاجأ بالنصف الآخر من مسلسل «الإقصاء» من قبل الأغلبية البرلمانية، فبعد انتهاء حصة التيارات الدينية يتم اختيار الإخواني صبحي صالح ليس بصفته إخوانيا ولكن بصفته «فقيه دستوري» وحينما أرادوا اختيار ممثلين للأزهر اختاروا الإخواني «عبد الرحمن البر»، كذلك الدعاة السلفيون «محمد حسان» و «ياسر برهامي» ليس بصفتهم «سلفيين» ولكن بصفتهم ممثلين ومحسوبين على تيار علماء الشريعة، كذلك من بين سبع ممثلات للمرأة اختاروا أربع نائبات من جماعة الإخوان المسلمين وأيضاً الخمسة نقباء جميعهم كانوا مرشحي الإخوان في انتخابات النقابات من قبل.
لنعد إلى نقطة الصفر وينسحب من اللجنة التأسيسية أحزاب التجمع، والمصري الديمقراطي، والمصريين الأحرار، والتحالف الشعبي، والجبهة الديمقراطية والعدل، وعدد من النقباء ونواب الأحزاب الليبرالية رداً على ما يحدث ويتقدم عدد من المحامين بطعن مرة أخرى أمام محكمة القضاء الإداري ضد هذه اللجنة، ويطالب الكثيرون مؤسستي الأزهر والكنيسة بالانضمام إلى المنسحبين، فوجودهم لن يقدم سوى شرعية صورية إلى لجنة غير شرعية لأنها ليست ممثلة من كل طوائف الشعب، ولن تجني الكنيسة أي مادة تخص الأحوال الشخصية للمسيحيين كما تريد في وجود د. ياسر برهامي الذي قال «بغضنا للنصاري لا يمنع من الاعتداء عليهم» أو «د. محمد عمارة» الذي أحل دماء الأقباط في كتابه «فتنة التكفير»، بل سيذكر التاريخ بالاسم كل من شارك في دستور يعيدنا إلى الوراء وتهيمن عليه جماعة تحمل مشاعر «طظ في مصر واللي في مصر» كما قال مرشدهم السابق.
فلنتركهم يعدون دستورهم ولجانهم وحكومتهم وسلطتهم وكراسيهم، فالثورة القادمة ستسقط كل هذا في النهاية.