قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صلاة مرسي وخمار أم أحمد


على عكس كثيرين ممن يتداولون تفاصيل حياة الرئيس محمد مرسي بإعجاب سيقودهم لا محالة إلى افتتان بشخصه يمكن أن يحوله في غضون شهور قليلة إلى فرعون جديد، وتصبح الحاجة نجلاء، سوزان بخمار، وأحمد ومحمد مسخين مشوهين من علاء وجمال.. وتعالوا ننناقش الأمر بهدوء وحذر وتجرد.
تتناقل وسائل الإعلام معلومات أمدها بها بالقطع مقربون من مرسي، خبر صلاته الفجر جماعة، وشرائه "بقسماط"، سبقتها مناشدة من الرئيس عدم نشر إعلانات تهئنة له أو نشر صوره في المؤسسات الحكومية، وهى أخبار لها أهداف سياسية بالقطع تريد الجماعة من خلالها تصدير صورة الرئيس المؤمن الورع، وهو أمر يلقى قبولا في أوساط المصريين المتدينين بالفطرة، لينشغلوا لاحقا بتلك الصورة المقدسة التي تصد عنه سهام النقد، ويسهل حينها تمرير ما يشاء من قرارات باسم الرئيس المؤمن.
شخصيا لا يهمني أن يصلي مرسي الفجر جماعة أو منفردا، ولا أريد أن أعرف تفاصيل علاقته بربه لأن الله فقط من سيحاسبه ويحاسبنا جميعا عليها، لكن يهمني أن أعلم مرجعيات قراراته الفكرية، وانحيازاته الطبقية والاجتماعية، وخططه للنهوض بالوطن، وتنفيذه لوعود قطعها على نفسه بتشكيل مؤسسة رئاسة جامعة، وحكومة مستقلة أمامها مسئوليات جسام.
لا يهمني شخصيا إذا كان مرسي يأكل "بقسماط" أو "بسكويت" أو يشرب "شاي بحليب" أو "شاي أخضر"، لكن ما يهمني ألا يكون هناك جائع أو محتاج أو خائق أو أمي أو فاسد في هذا البلد.
لا يهمني أن ترتدي السيدة زوجته الخمار أو الحجاب فهذه حرية شخصية واختيار أيدولوجي وفقهي، لكن ما يهمني ألا تتدخل السيدة زوجته في شئون مؤسسة الرئاسة.
لا يهمني أن تطلب السيدة زوجته من الناس أن يلقبوها "الحاجة نجلاء" أو "أم أحمد"، لكن ما يهمني ألا تصبح الحاجة سيدة أولى على المصريات، أو تكلف خزينة الدولة بمؤسسة ترعى شئون أسرة الرئيس وتؤمن تنقلاتهم.
لا يهمني أن يطلب نجل الرئيس منه تنفيذ ما تعهد به باعتباره ابنه وليس من آحاد الناس، ولا يهمني أن يبقى ابنه الآخر في الزقازيق أو ينتقل إلى فيللا التجمع الخامس، لكن ما يهمني ألا يتحول أحمد أو محمد إلى علاء أو جمال جديدين.
لا يهمني أن يروج قادة الجماعة لمناشدة مرسي عدم تعليق صوره في المؤسسات الحكومية، لكن يهمني أن يصدر قرارا جمهوريا يمنع ذلك مثل أي دولة راقية ومتحضرة في العالم، فلا توجد صورة واحدة لأوباما مثلا في أي مصلحة حكومية أمريكية.
في عهد الفاروق عمر اشتكى العامة لأمير المؤمنين من أن واليه أمين الأمة أبو عبيدة بن الجراح لا يصلى الظهر معهم في جماعة، وركب عمر فرسه وذهب إلى الشام ليستوثق بنفسه، فوجده مقيما في منزل ليس به سوى حصيرة ينام عليها، فسأله عن سبب عدم صلاته الظهر في الجماعة، فقال له يا أمير المؤمنين عندي ثوب واحد أصلي به الفجر ثم أغسله وأتركه يجف، وتأتي صلاة الظهر وهو لم يجف بعد، فأصلي في منزلي.
أريد أن أقول إن أبو عبيدة لم يباه أمام العامة بتقواه وصلاحه عندما اتهموه بعدم صلاة الظهر وكان يستطيع، ولم يفعل ذلك عندما سأله الفارق في كتاب أرسله إليه قبل أن يذهب إليه بنفسه، ولم يقل الحقيقة إلا عندما اضطر لذلك ولشخص واحد فقط.
هذه التقوى التي أفهمها والورع الذي أبتغيه في مرسي أو غيره، لكن التباهي بحفظ القرآن الكريم، وصلاة الفجر جماعة، وراتداء الزوجة الخمار، ستتحول بمرور الوقت إلى حكايات مسلية لا قيمة لها إذا لم تقترن بإجراءات حقيقية على الأرض للقضاء على الفقر والجهل والمرض والاستبداد، وتنهض بهذا الوطن المنهك.