في زيارة حملت بُعدًا روحيًا ورسائل راعوية واضحة، استهلّ قداسة البابا لاون الرابع عشر يومه في مدينة أسيزي بزيارة وصلاة خاصة عند ضريح القديس فرنسيس، قبل أن يتوجّه إلى بازيليك “القديسة مريم سيدة الملائكة” لاختتام أعمال الجمعية العامة الحادية والثمانين لمجلس أساقفة إيطاليا، حيث قدّم خطابًا شاملاً شكّل خريطة طريق لمرحلة جديدة في مسيرة الكنيسة الإيطالية.
بدأ الأب الأقدس كلمته بالتأكيد على ضرورة إعادة توجيه الأنظار نحو المسيح بوصفه البوصلة التي تتيح تجاوز الانقسامات والعنف وحالة العداء المتزايدة في العالم.
وأوضح أن العودة إلى ينابيع الإنجيل هي السبيل الأضمن لتجديد ثقافة اللقاء، ومواجهة اللامبالاة، وتعزيز حضور الكنيسة كنبوءة سلام وصانعة للصداقة والأخوّة.
وفي حديثه عن التحديات الرعوية، دعا الحبر الأعظم إلى التمييز والحكمة في إدارة الأبرشيات، ولا سيما الصغيرة منها التي تعاني محدودية الموارد.
وأشار إلى أهمية دمج الجهود والتعاون بين الأبرشيات للتعامل مع التحولات الديمغرافية والثقافية.
تحذير من الانجرار خلف التكنولوجيا
كما ذكّر بتوجيهات البابا فرنسيس بشأن سنّ التقاعد للأساقفة (٧٥ عامًا) وللكرادلة (٧٧ عامًا)، مؤكدًا أن التجدد في الهيئات الكنسية عنصر جوهري لتفعيل الرسالة.
وتطرّق البابا إلى التحديات الرقمية، محذرًا من الانجرار خلف التكنولوجيا بلا ضوابط، ومحفّزًا على إعداد برامج رعوية قادرة على “أنسنة العالم الرقمي” بما يحمي الحقيقة والحرية.
كما شدد على واجب الوقوف إلى جانب الفئات الأكثر هشاشة، وفي مقدمتها الأسر والشباب والمسنون والفقراء.
وفي ملف بالغ الحساسية، جدد البابا التزام الكنيسة الثابت بحماية القاصرين والبالغين الضعفاء، مشيدًا بالتقدم المحقّق في هذا المجال، ومؤكدًا ضرورة مواصلة العمل على الوقاية وتضميد جراح الضحايا بوصفه جزءًا لا يتجزأ من رسالة الكنيسة.
واختتم البابا خطابه بدعوة الأساقفة إلى استلهام روح “السينودسية” التي عاشها القديس فرنسيس ورفاقه، معتبرًا أنها نموذج للقرب والحوار والمسيرة المشتركة، وأنها السبيل ليكون الأساقفة شهودًا أوفياء لملكوت الله في عالم اليوم.



