الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إسترليني «بريطانيا الجديدة» يعزز الجنيه المصري


أثار قرار الـبـريـطـانـييـن بــخــروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي، ردود أفــعــال واســعــة الــنــطــاق، لـم يـتـوقـف أثـرهـا عـنـد نـقـاط الـتـمـاس الاقتصادية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، ولـــكـــن امـــتـــد أثــرهــا لـبـاقـى اقــتــصــادات الـعـالـم، ومـنـهـا الاقتصادات الـسـاعـيـة للتقدم كما هو الحال فى بلادى مصر.

فقد تأثر الاقتصاد المصرى بـالـقـرار، شـأنـه فـى ذلـك شـأن باقى اقـتـصـادات الـعـالـم، وظـهـر التأثير واضحًا وبشكل سريع على أسعار العملة وأسـواق المال، التى تعد من المقاييس الاقتصادية الأكثر حساسية للأحداث ســـواء كــانــت مـحـلـيـة أو عالمية.

فــبــعــد الـــقـــرار تـــأثـــرت الــبــورصــة المصرية وتراجعت مؤشراتها، كما تأثر سوق صرف العملات الأجنبية وتحديدًا الجنيه الإسترلينى، وهـــو مـا يــطــرح تــســاؤلات حــول مــدى تـأثـر الجنيه المصري بتداعيات الخروج الـبـريـطـانـي مــن الاتحاد الأوروبي خـاصـة فـى الأجل الـطـويـل، الــذى لا تظهر نتائجه سريعًا، بما يتطلبه ذلــك مــن سـيـاسـات مـالـيـة ونـقـديـة جديدة.

وتــشــيــر أرقــــــام وزارة الــتــجــارة والصناعة المصرية إلى أن بريطانيا تحتل المرتبة الثالثة في الاستثمار الأجنبي في مـصـر وتــصــل قـيـمـة استثماراتها بنهاية العام الماضي إلـــى نــحــو 5.5 مــلــيــار دولار أمريكى، يـتـم استثمارها فى 1358 مشروعًا، وأن حـجـم الـتـجـارة الـبـيـنـيـة يـصـل إلـى نحو 1.5 مليار دولار.

وبـنـظـرة عـلـى مــدى تـحـرك أسـعـار الإسترلينى مقابل الجنيه المصرى يتضح أنـهـا تـذبـذبـت مــا بــين الانخفاض والارتفاع حــيــث كـــانـــت قـيـمـتـه مــقــابــل الجنيه وقــبــل الاستفتاء بـنـحـو أســبــوع 12.46 لــلــشــراء و12.66 لـلـبـيـع، فــى حين ارتـفـعـت مـع إعلان قــرار الانفصال الــبــريــطــانــى إلـــى 13.2 جـنـيـه لــلــشــراء و13.24 جـنـيـه لـلـبـيـع، عاود بعدها الانخفاض مرة أخرى بحدود سعرية ضعيفة.

ويعود ذلك التذبذب فى سعر صرف الإسترلينى مقابل الجنيه المصرى الى حالة عدم الاستقرار فى الاقتصاد البريطانى، حــيــث تــأخــذ إجـــــراءات الانفصال الكلى وقـتـا طـويًلـا، فـى وقـت كانت تحسبات الأسواق العالمية للقرار بـمـثـابـة المؤثر الأكبر والأقوى فى أسواق المال وسوق العملة، وبـعـد الانفصال فـإن قيمة الجنيه الإسترلينى مرشحة للتراجع، مما يـعـنـى انخفاض قـيـمـتـه أمـــام الـجـنـيـه المصرى، ومــن ثــم دعــم الــصــادرات المصرية وزيـــــادة قـيـمـتـهـا فـضلًا عـن الـــواردات أيـضًـا بسبب تـراجـع تكاليف الاستيراد؛ نظرًا لانخفاض سعر العملة.

عامل آخر يعزز من قيمة الجنيه المصرى مقابل الإسترلينى هــو الـسـيـاحـة الـبـريـطـانـيـة فـى مـصـر حـيـث تقول الأرقام الرسمية إن هـنـاك مـا يبلغ مليونى ســائــح بــريــطــانــى اعـــتـــادوا زيـــارة مـــصـــر ســـنـــويــًـا، وأن اســـتـــمـــرار التدفقات السياحية البريطانية الى مـصـر مــن شـأنـه أن يـزيـد معدلات الانفاق فى مصر بما يخدم توفير العملة الأجنبية من الاسترلينى من ناحية والطلب عـلـى الـجـنـيـه المصرى مــن نـاحـيـة أخـــــرى، نــظــرا لاحتياج الــســيــاح للانفاق بالعملة المحلية.

وعلى ذلك فان الأثر الطبيعى وعلى الاقل فى الأجل القصير لـخـروج بريطانيا عـلـى الجنيه المصرى هـو ايجابى بــالــطــبــع غــيــر ان تــلــك الايجابية لا يمكن لــهــا ان تـسـتـمـر طــويلــا، حيث يستفيد الجنيه المصرى من الأوضاع غير المستقرة للاقتصاد البريطانى فــى الــوقــت الــحــالــى، والـــذى يــدخــل مـرحـلـة جــديــدة من اعــادة تنظيم أوراقـــه المالية، وهـى الـفـتـرة الـتـى مــن الممكن ان تـطـول ويحقق فيها الاسترلينى تراجعًا لصالح قيمة الجنيه المصرى.

غــيــر أن الــســيــاســة الــبــريــطــانــيــة الــجــديــدة ســـوف تـعـمـل عـلـى دعـم قوة عملتها، ولن تسمح بمزيد من تراجعه أمام العملات الأخرى، سواء داخل الاتحاد الأوروبى أو خارجه ، وهو ما يتوقع معه ان تتخذ اجــراءات تتعلق بالسياسة النقدية التى ترتبط أول ما ترتبط بإعادة النظر فى سعر الفائدة بما يـسـمـح بـتـعـزيـز المدخرات وزيــادة معدلات الاستثمار وهـو ما يجب أن تتنبه له الاقتصادات الأخرى فى دول العالم ومنها مصر، التى ترتبط بتعاملات اقتصادية مع بريطانيا التى تسعى الى خلق استرلينى تناسب مع بريطانيا الجديدة.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط