أفريقيا بالعبري!!

صاحبت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتنياهو للقارة الافريقية وبالتحديد دول منابع النيل الكثير من التداعيات وخصوصا علي الرأي العام وصفحات التواصل الاجتماعي التي كانت تحمل نوعا من الادراك الشعبي المتزايد نحو قضية في غاية الخطورة وهي مياه النيل وتداعيات سد النهضة الإثيوبي علي مصر.
والقضية في تصوري هي معركة بقاء بالأساس ، أما عن الموقف الشعبي فهو يستند إلي ناحية عاطفية بالأساس لأن الكراهية التي في الصدور تجاه الكيان الصهيوني ما زالت راسخة وممتدة ومتزايدة وحدث ما يمكن أن نسميه الخوف من مجهول سيئ يرتبط دائما عند حضور ذاك الرجل وبلده مع التحفظ الشديد علي اللفظ الأخير لأنني علي المستوي الشخصي وضد كل الاعتبارات الموضوعية.
أرى أن هذا الكيان عنصري بالأساس وقائم علي التوسع والهيمنة والمساندة من رجال المال والنهب المنظم من اليهود الصهاينة الذين يسيطرون علي العالم فعليا فيما يعرف بظاهرة اقتصاد الأفراد الذي يهيمن علي كل شيء الآن بما في ذلك تحريك سياسات الدول بالكامل وفقا لرؤي هذا المال وهي ظاهرة تجتاح العالم حديثا وهي في أبسط صورة تمثل قوي عاتية لأصحاب الأموال حول العالم.
عقيدتي الثابتة ناحية هذا الكيان لا تمنعني من رصد هذه الزيارة أولا لأن تداعيتها لا يمكن رصدها الآن مع قلة المتاح من المعلومات وإن كانت الفرضية الأقرب للحدوث هو الضرر بمصالح مصر وفق ما تم رصده من تداعيات وآثار سلبية لسد النهضة وعلي كافة المستويات ، ويصبح التساؤل الرئيسي لرصد ذلك هو ماذا حدث وما هو رد الفعل المصري علي ذلك؟؟
الذي حدث هو زيارة لأكبر مسئول في الدولة العبرية لمنابع النيل في قارتنا السمراء ، وخرجت البيانات الرسمية ترسم أحلام بلاده وتؤكد علي دور اسرائيل الممتد منذ سنوات في القارة ودول المنابع علي وجه الخصوص، سؤالي لك عزيزي القارئ أين الخطأ في ذلك؟؟ دولة ذات سيادة تبحث عن مصالحها مع دول أخري وتبذل جهدا ممتدا عبر سنوات لتحقيق هذه المصالح وفق أولوياتها الخاصة، ودور صانع القرار المصري في ذلك في ظني لا يجب أن يكون معلنا والترقب والرصد والتفسير والتنبؤ بالنتائج هو الأساس لهذه الزيارة مع الأخذ في الاعتبار مصالح مصر المصيرية في هذه المنطقة التي لا تقبل الغفلة والنمطية في التعامل.
ولابد من التأكيد أن الملف بكامله وأقصد هنا التداعيات بكاملها وليست الزيارة فقط ، أما ما يرغب فيه الناس والمغالاة في المطالب ناحية اسرائيل وأفريفيا فهو أمر ولي زمانه ، والمصالح لا تعرف إلا لغة التواجد والحفاظ علي مصالح الآخر تماما كمصالحك، وعلي كافة المستويات بداية من الثقافية حتي الاستراتيجية وعلي صانع القرار أن يدرك ذلك ، ومطلوب جهد حقيقي وعلي كافة المستويات ، وأعود وأكرر مفوضية عليا حقيقية تتولي أمر العلاقات المصرية والأفريقية والعلاقات الثنائية حتي يصبح لدينا دليلا واقعيا نهتدي به في رحلة عودتنا إلي القارة التي تأخرت كثيرا وحتي لا يقل تأثيرنا الإقليمي إلي أقل ما نحن عليه فكل القوي الدولية لها مناطق نفوذ وثقل نسبي في مناطق مختلفه بالقارة وحتي لا نصحو دائما علي كابوس أن تصبح أفريقيا عبرية ، كما أصبحت انجليزية وفرنسية واسبانية من قبل وهو دليل علي السيطرة والهيمنة والتقارب بحسابات المصالح... والوقت يداهمنا.