قصة حياة الشيخ محمد عبده مفتي الجمهورية الأسبق

يعد الشيخ محمد عبده مفتي الجمهورية الأسبق، أبرز المجددين في العصر الحديث، وكانت فتاويه تتعلق بالمشكلات التي يشهدها المجتمع في عهده، والتي كانت تيسر كثيرا على الناس.

مولده
ولد محمد عبده حسن خير الله سنة 1266هـ الموافق 1849م في قرية محلة نصر بمركز شبراخيت في محافظة البحيرة لأب تركماني وأم مصرية تنتمي إلى قبيلة بني عدي العربية، ودرس في طنطا إلى أن أتم الثالثة عشرة حيث التحق بالجامع الأحمدي.

التحق بالجامع الأزهر عام 1866م، وحصل على الشهادة العالمية عام 1877، وعمل مدرسا للتاريخ في مدرسة دار العلوم عام 1879.

حياته الثقافية
يُعدّ "الإمام محمد عبده" واحدًا من أبرز المجددين في الفقه الإسلامي في العصر الحديث، وأحد دعاة الإصلاح وأعلام النهضة العربية الإسلامية الحديثة، ساهم بعلمه ووعيه واجتهاده في تحرير العقل العربي من الجمود الذي أصابه لعدة قرون، وشارك في إيقاظ وعي الأمة نحو التحرر، وبعث الوطنية، وإحياء الاجتهاد الفقهي لمواكبة التطورات السريعة في العلم، ومسايرة حركة المجتمع وتطوره في مختلف النواحي السياسية والاقتصادية والثقافية، وتأثر به العديد من رواد النهضة مثل عبد الحميد بن باديس ومحمد رشيد رضا وعبد الرحمن الكواكبي.

حياته السياسية
اشترك في ثورة أحمد عرابي ضد الإنجليز رغم أنه وقف منها موقف المتشكك في البداية لأنه كان صاحب توجه إصلاحي يرفض التصادم إلا أنه شارك فيها في نهاية الأمر، وبعد فشل الثورة حكم عليه بالسجن ثم بالنفي إلى بيروت لمدة ثلاث سنوات، وسافر بدعوة من أستاذه جمال الدين الأفغاني إلى باريس سنة 1884م، وأسس صحيفة العروة الوثقى، وفي سنة 1885م غادر باريس إلى بيروت، وفي ذات العام أسس جمعية سرية بذات الاسم، العروة الوثقى.

توليه منصب مفتي الجمهورية
في 3 يونيو سنة 1899م الموافق 24 محرم 1317هـ صدر مرسوم خديوي وقعه الخديوي عباس حلمي الثاني بتعيين الشيخ محمد عبده مفتيًا للديار المصرية.

وكان منصب الإفتاء في ذلك الوقت، يضاف لمن يشغل وظيفة مشيخة الجامع الأزهر في السابق وبهذا المرسوم استقل منصب الإفتاء عن منصب مشيخة الجامع الأزهر، وأصبح الشيخ محمد عبده أول مفتٍ مستقل لمصر معين من قبل الخديوي عباس حلمي.

وبلغ عدد فتاوى الشيخ محمد عبده 944 استغرقت المجلد الثاني من سجلات مضبطة دار الإفتاء بأكمله وصفحاته 198، كما استغرقت 159 صفحة من صفحات المجلد الثالث.

أبرز الفتاوى
للشيخ محمد عبده العديد من الفتاوى أهمها الوقف وقضاياه، والميراث ومشكلاته، والمعاملات ذات الطابع المالي والآثار الاقتصادية، مثل البيع والشراء، والإجازة والرهن والإبداع، والوصاية والشفعة والولاية على القصر، والحكر والحجر والشركة وإبراء الذمة، ووضع اليد والديون واستقلال المرأة المالي والاقتصادي، يبلغ عدد فتاواه في ذلك 728 فتوى.

وتحدث عن مشكلات الأسرة وقضاياها، من زواج، وطلاق ونفقة وإرضاع وحضانة، وإقرار بالغلام المجهول، وعدد فتاواه في ذلك 100 فتوى، وعن القود والقتل والقصاص، عدد فتاواه في ذلك 29 فتوى، وأطلق 80 فتوى تتعلق بمشكلات خاصة بالحياة المالية والاقتصادية وقضاياها.

وفاته
في 11 يوليو عام 1905م الموافق 7 جمادى الأولى 1323 هـ توفي الفقيه الإسلامي الشيخ محمد عبده بالإسكندرية بعد معاناة مع مرض السرطان عن ست وخمسين سنة، ودفن بالقاهرة ورثاه العديد من الشعراء.