الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

النفط .. والسياسات الاقتصادية العربية البديلة


حالة التفاؤل التى أبدتها بعض الدول المنتجة بشأن استقرار سوق النفط العالمية ، لا يجب أن تصل إلى حدود الإسراف الذى يضر بالاقتصادات العالمية ومن قبلها العربية ، خاصة فى ظل التقلبات على الطلب التى تشهدها السوق ، والتى تؤدى بدورها إلى غموض حول توقعات الأسعار ، ومن ثم عدم استقرار فى التأكيد على الموارد المتحصلة من انتاجه.

فما أن خرج مؤخرا الإعلان المشترك بين المملكة العربية السعودية ، ممثلة فى وزير الطاقة خالد الفالح، والأمين العام لمنظمة "أوبك" محمد باركيندو ، عن البترول واتجاه الأسعار إلى الاستقرار ، والتوازن الى السوق العالمية، وحالة التفاؤل التى بدت على الطرفين بشأن استقرار السوق العالمية للنفط ، والتعامل مع أزمة الأسعار على أنها أمر عرضى ، إلا وشهدت الأسعار فى الأيام التالية تراجعا جديدا ، حول حالة التفاؤل إلى تشاؤم.

ففى حين وقبيل الإعلان المشترك ، سجلت الاسعار ارتفاعا نسبيا مدعومة بالتصريحات الثنائية عن السعودية و"أوبك" فقد ارتفع سعر خام برنت تسليم سبتمبر 17سنتا مسجلا 50.52 دولار للبرميل يوم الأحد الماضى، شهدت الأسعار فى اليوم التالى للتصريحات "الثلاثاء" ، إذ عاد سعر خام برنت إلى أقل من 50 دولارا للبرميل مسجلا 49.47 دولار للبرميل أي بانخفاض 66 سنتا أى بمعدل 1.3 بالمئة عن آخر سعر له ، كما هبط خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 89 سنتا وهى قيمة تعادل نسبة 1.9 بالمئة حيث سجل 48.08 دولار للبرميل.

ولتلك الأرقام وتباينها قبل وبعد الإعلان المشترك بين السعودية و"أوبك" دلالاتها الاقتصادية ، فهى تعكس حالة من التفاؤل الشديد بمستقبل سوق النفط خاصة إذا تم الأخذ فى الاعتبار الزيادات السعرية ، غير أنه تفاؤل يجب أن يكون مشوبا بالحذر خاصة مع تراجع تلك الأسعار فى اليوم التالى على الاعلان.

كما تعكس تلك الأرقام حالة من عدم اليقين بشأن توقعات أسواق النفط العالمية والأسعار السائدة فيها ، الأمر الذى ينعكس وبشكل مباشر على إيرادات الدول المنتجة للنفط ، ويعود بالأزمات الاقتصادية المرتبطة بها لما كانت عليه خلال الشهور الماضية.

وعلى ذلك فان التفاؤل بحالة استقرار سوق النفط العالمية ، ليس بديلا للسياسات الاقتصادية التى يجب أن تنتهجها الدول العربية ، كبديل للتغلب على موارد متقلبة وغير مستقرة ، بسبب حالة الضبابية وعدم وضوح الرؤية بشأن مستقبل سوق النفط، الذى يمثل عاملا مهما فى تحقيق ايرادات الاقتصادات الدولية ومنها الخليجية.

وأمام تلك الحالة على الدول العربية أن تستمر فى انتهاج السياسات الاقتصادية الجديدة التى فرضتها الأوضاع العالمية لسوق النفط ، والتى تعتمد على تدبير موارد مالية جديدة من مصادر أخرى غير ايرادات النفط المهتزة وغير المستقرة ، كتلك السياسات التى قررتها بعض الدول وانتهجتها أخرى ، مثل ضريبة القيمة المضافة ، وإعادة النظر فى سياسات دعم المحروقات ، وفتح المجال أمام مشاركة القطاع الخاص فى التنمية ، فضلا عن السياسات الاقتصادية التكاملية بين الدول العربية ، كتسهيل حركة التجارة البينية وتنشطيها ، وإعادة النظر فى السياسات الجمركية والنظم الضريبية ، على أن يسبق ذلك كله التأكيد من جانب الحكومات العربية على ضرورة انتهاج سياسات مالية ونقدية جديدة ، تعمل على تنشيط حركة الاستثمار ، وجذب رؤوس الأموال الأجنبية ، ودعم مشروعات البنية التحتية، لمواجهة التقلبات التى لا زالت تتحكم فى سوق النفط العالمية.
==============

* كاتب وصحفى مصرى
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط