الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

القرض الدولي.. والحرب الاقتصادية ضد مصر


تشهد بلادى مصر جدلا واسع النطاق حول قرض صندوق النقد الدولى ، الذى بدأت القاهرة مفاوضات الحصول عليه مطلع هذا الأسبوع ، وتباينت الآراء حوله ما بين الأوساط الرسمية والشعبية.

ففى حين دافعت عنه الحكومة ممثلة فى وزارة المالية ، واعتبرت الحصول عليه فى حد ذاته شهادة عالمية على "الجودة الاقتصادية" ، تؤكد قوة ومتانة الاقتصاد المصرى الذى تتوافر لديه قدرات السداد ، واعتبرته أيضا "تمويلا طبيعيا" بحكم كونها أحد المساهمين فى انشاء الصندوق ، أبدت أوساط شعبية مخاوفها من تداعياته السلبية خاصة على محدودى الدخل ، فى حين اعتبره البعض الآخر وسيلة "للتفقير" و" الهيمنة السياسية".

ولمعرفة حقيقة هذا القرض ، ومدى فائدته لمصر ، وتداعياته الاقتصادية فان نظرة تحليلية سريعة ، من شأنها أن تضع بعض الأمور فى نصابها.

بداية القرض تبلغ قيمته 12 مليار دولار تحصل عليها مصر على مدار 3 سنوات ، على أن تتحمل فائدة على أقساط الدين تصل إلى 1.5 بالمائة ، ولجأت إليه بلادى مصر لسد العجز فى الموازنة ، ودعم رصيد النقد الأجنبى الذى أخذ فى التآكل ، خاصة مع عدم قدرة الحكومة على ضبط العلاقة السعرية بين الدولار الأمريكى والجنيه المصرى ، والتى خرجت ، بحسب بعض الخبراء ، عن سيطرة الحكومة ، الأمر الذى دفع بالبنك المركزى لطرح عطاءات لتعويض النقص فى الدولار لدى البنوك.

ومن بين مايقدمه القرض لمصر هو دعم المشروعات الصناعية التى قالت الحكومة انها تأتى ضمن خطة التنمية طويلة الأجل ، والتى تعانى نقصا فى التمويل خاصة فى ظل تراجع أداء البورصة المصرية ، وعدم قدرتها على توفير السيولة لتمويل بعض المشروعات الهامة ، مما يساهم بشكل أو بآخر فى الحد من معدلات التضخم وعجز الموازنة العامة للدولة.

يقدم القرض لمصر أيضا شهادة دولية على قوة برنامج الحكومة الاقتصادى ، نظرا لارتباط الموافقة على القرض بقدرة الحكومة على السداد ، وهو الأمر الذى يعتبر شهادة جدارة للاقتصاد المصرى، خاصة أن البنك الدولى لا يمنح قروضا لدول قد تتعثر فى السداد.

بالاضافة لما سبق فإان القرض يعد حقا أصيلا لمصر ، باعتبارها من المؤسسين للصندوق والمشاركين فيه منذ أربعينيات القرن الماضى ، ومن ثم فإنه من حقها الحصول على القرض ، وهو ماجعل الدوائر الرسمية فى الدولة تتعامل معه على أنه ليس منحة أو تفضلا من الصندوق بقدر ما هو "تمويل طبيعى" لاحدى الدول المساهمة فى انشاء الصندوق ، وعليه فإن القرض يأتى فى اطار حصة مصر فى الصندوق.

غير أن وجهات نظر أخرى أبدت مخاوف من الحصول على القرض ، واعتبرت أنه يثقل كاهل الدولة فى الديون التى تصل فى بعض التقديرات الى 100 مليار دولار مجمعة ، وهو ما أبدى البعض بسببه مخاوف من الخسائر التى تعود على مصر بسببه ، خاصة فى ظل عدم القدرة على السداد والوفاء بخدمة الدين.

والحقيقة أن تلك المخاوف لم تكن وليدة الصدفة ، وإنما هى نتاج لعمليات بث الأفكار المغلوطة ، التى أراد البعض إيصالها للعامة ، إما عن قصد الحرب الاقتصادية ضد بلادى مصر ، وإما عن جهل علمى واقتصادى، ومن تلك الأفكار الحديث عن أن صندوق النقد وضع شروطا ، فى حين أن المباحثات مازالت جارية ، لحصول مصر على القرض، منها الفرض على الحكومة إجراءات مثل تعويم الجنيه المصرى وغير ذلك من الاجراءات الاقتصادية التى تضر بالاقتصاد المصرى ،وقد وصل الأمر ببعضهم للحديث عن ضرورة اتجاه الحكومة للتوسع فى الخصخصة وتسريح العمالة ورفع الدعم عن المحروقات وبعض السلع الاساسية ، وغير ذلك من الإجراءات التى بثت الرعب والخوف فى نفوس كل من استمع اليها ، وهى فى حقيقتها أمور لا اساس لها من الصحة ، وتدخل فى اطار الترهيب والحرب الاقتصادية ضد الدولة المصرية.

وتحاول بعض الأطراف الخروج بالحديث عن القرض الدولى من الناحية الاقتصادية ، والجنوح به الى النواحى السياسية ، والحديث بمفردات التحريض ضد الحكومة والقيادة السياسية ، وكلها أمور تكشف أن بلادى مصر مازالت تخضع لحرب ضروس ، يشنها أنصار الشيطان وتستهدف تقويض قوة الدولة وتعطيلها عن السير فى طريق إعادة البناء.

فبعد أن فشل أنصار الشيطان فى حرب الإرهاب ، وتعبئة الرأى العام ضد القيادة السياسية، لجأوا إلى الحرب الاقتصادية ، ونشروا كتائبهم ليس فقط فى الداخل المصرى ، وإنما خارجه فى الدول العربية لاحتكار الدولار، وتقوم تلك الكتائب بجمع الدولار من الذين يريدون بيعه لشركات الصرافة ، كما يقومون فى الدول العربية بالحصول على الدولارات من الذين يريدون تحويلها إلى ذويهم فى مصر عن طريق إيصالها بالعملة المصرية إليهم وفى بيوتهم لمنع التحويلات ، وحرمان الدولة من النقد الأجنبى.

غير أن كل تلك الحرب ، خاصة أنها مكشوفة ومعلومة أهدافها ، لن تنجح كما لم تنجح حروب أخرى ضد مصر وشعبها ، وأن مسعى أنصار الشيطان وجنوده سوف تخيب ، لأن الله لا يهدى كيد الخائنين.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط