الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«الواحات» كنز يشكو الإهمال وسط الصحراء.. الخدمات شبه معدومة.. و«صناعة التمور» مهددة بالاندثار.. والسكان: استغاثاتنا لا تصل للمسئولين..صور

الواحات
الواحات

  • سكان الواحات: مشاكلنا كثيرة.. واستغاثاتنا لا تصل للمسئولين
  • لايوجد صرف صحى.. وآبار الرى غير كافية.. وصناعة النخيل مهددة بالانهيار
  • المياه مليئة بالحديد.. والمستشفى ينقصه أطباء ومستلزمات
  • مطالبنا تقنين الأراضى ومصانع للتمور ومشروعات للشباب
  • رئيس المدينة: جميع مشاكل الواحات فى طريقها للحل.. وخطة لجعلها عروس الصحراء
مشاكل عدة لا تخلو منها مدينة أو قرية مصرية.. استغاثات ومطالب من المسئولين دائما ما تهدف إلى تحقيق مصالح العامة.. مناشدات للجميع بالوقوف خلف الوطن والقيادة السياسية.. هذا ملخص ما دار فى لقائنا مع أهالى الواحات البحرية، الذين فتحوا قلوبهم وتحدثوا، عن كل ما يعانوه وما يرجوه من الحكومة لإصلاح أوضاعهم.

البداية بمشكلة النخيل، حيث تتميز الواحات البحرية بتواجد أكثر من مليونى نخلة داخل أراضيها لتتربع تجارة البلح على قمة مصادر الرزق الأولى لأهالى الواحات، ورغم ذلك فهناك خطر كبير يداهم هذه الثروة الكبيرة، حسب ما ذكر لنا الحاج محمد خواص مرعى، أحد سكان قرية الزبو الذى بدأ حديثه بالتأكيد على أن مصر تتربع على عرش مصدرى التمور فى العالم، ويبلغ إنتاج التمور فى الواحات ما بين 30 و40 ألف طن سنويا، وتنتج 13 نوعا من التمور تبدأ أسعارها من 4 إلى 8 جنيهات، لكنه رغم هذا الإنتاج الضخم، أشار إلى أن مشكلة التسويق تعد هاجسا أكبر أمام المزارعين، ولخصها فى أنه لا يوجد تسويق لتمور الوادى الجديد، والأسعار الموجودة حاليا قليلة جدا، والمشكلة الأساسية هى أن المزارع يقوم ببيع الإنتاج بالجنيه، فى حين يقوم التاجر بتصديره بالدولار.

الكارثة التى تحدث عنها الحاج "خواص"، لا تقتصر على التسويق فقط، بل كشف عن خطر قادم وهو تعرض أكثر من مليون نخلة للهلاك بسبب انتشار مرض سوسة النخيل التى تتسبب فى موت النخلة وعدم قدرتها على الإنتاج.

أحد المشاركين فى الحوار من أهالى الواحات، قاطع الحاج خواص، وأكد أنه على وزارة الزراعة التحرك بأسرع وقت لإنقاذ النخيل فى الوادى الجديد، الأمور تتفاقم، والنخيل معرض للهلاك بسبب السوسة التى أصابت 30% من النخيل، ووزارة الزراعة لا توفر المبيدات اللازمة والأسمدة غير كافية أيضا، فضلا عن عدم توافر سوى 3 مهندسين بالجمعية الزراعية يغطون منطقة الواحات البحرية كلها.

وقال إن "سبب عدم تسويق التمور بأسعار تخدم الفلاح، هو وجود 3 تجار فى مصر يحتكرون شراء وتسويق التمور، أحدهم من الواحات البحرية، وهو ما يجعلهم يتحكمون فى الأسعار، لافتا إلى أن قنطار البلح يبلغ 45 كيلوجراما ويباع للمزارع بـ300 جنيه أو 280 جنيها، ونحن نطالب بزيادة السعر، وإنشاء ثلاجات لحفظ التمور لتظل سنوات عدة".

الحاج "خواص" التقط خيط الحديث مرة أخرى، ليؤكد أن الحل فى إنشاء مصانع لصناعة التمور وتجفيفها، مطالبا القوات المسلحة بإنشاء مصنع لتصنيع التمور وتصديره للخارج، خاصة أن تمور الواحات البحرية من أجود التمور فى العالم، مشيرا إلى أن جميع المصانع الموجودة فى الواحات يملكها الأهالى، وإمكانياتها محدودة جدا، مطالبا الحكومة بإنشاء مصانع أيضا لتدوير جريد النخيل واستخدامه فى عدة صناعات، وهو ما سيرفع من مستوى دخل المزارع، ما سينعكس على اهتمامه بنخيله.

حاولنا أن ننتقل لمحور ثانٍ، طلبنا التحدث عن مشاكل المياه فى الواحات البحرية وقسمنا المحور إلى مياه آبار، ومياه شرب، فتحدث الحاج محمد سلامة عمدة منديشة، ونقيب الفلاحين، والذى أعاد بنا الزمن إلى عام 1961، حيث صدر أول قرار جمهوري لتنظيم حفر الآبار الجوفية فى الواحات البحرية، مشيرا إلى أن القرار نص على إنشاء الحكومة لـ7 آبار جوفية لرى 7 آلاف فدان، واستمر هذا القرار حتى الآن، واقتصرت الحكومة على الـ7 آبار الموجودة، رغم أن مساحة الرقعة الزراعية وصلت الآن إلى 31 فدانا، فهل هذا يعقل؟.

وأضاف أن جميع الآبار الموجودة حاليا هى آبار عميقة تصل لأكثر من 300 متر إلى ما يزيد، وهناك آبار سطحية أنشأها الأهالى على بعد 150 مترا تقوم بتخزين المياه فيها.

وأشار إلى أن هناك قرارات بإزالة جميع الآبار السطحية التى أنشأها الأهالى، والتى تعدت 500 بئر وتخدم آلاف الأفدنة، فضلا عن صعوبة إنشاء آبار عميقة بسبب تكلفتها، مؤكدا أن إنشاء بئر بعمق 1000 متر يحتاج إلى مليون جنيه.

لم يتوقف حديث العمدة عند هذا الحدث، بل كشف عن أن جميع الأراضى الزراعية فى الواحات البحرية غير مقننة ومازالت تملكها الحكومة وبطاقات الحيازة الزراعية مدون بها أنها ليست سندا للملكية، مطالبا الحكومة بتقنين الأراضى وتمليكها للمزارعين.

وكشف عمدة منديشة عن أن هناك تعدد جهات فى الواحات البحرية، فإدارة الرى تتبع محافظة مطروح، وإدارة الصرف تتبع الجيزة والميكانيكا تتبع البحيرة، وهو ما يصعب من تحقيق الخدمات لقاطنى الواحات البحرية الذين هم فى حاجة إلى إدارة موحدة تجمع الإدارة ويكون مقرها الواحات البحرية، حيث يقوم المواطن بإصلاح الآبار بنفسه وسط تعدد الإدارات، ما يؤثر على العمر الافتراضى للبئر والذى قد لا يتعدى 10 سنوات.

والتقط صلاح فكرى، عضو نقابة المعلمين بالجيزة وأحد سكان الواحات، خيط الحديث، وتحدث عن مياه الشرب، ولخص المشكلة فى أنها غير صالحة للاستخدام الآدمى، وأن عددا كبيرا من أهالى الواحات يعانون من فشل كلوى وتكوين حصاوى، كما أن المياه تحتوى على نسبة كبيرة من الحديد، والعكار والبلوتوز، مؤكدا أنها مكونات سامة وخطرة وتهدد حياة سكان الواحات.

فى حين أكد مصطفى محمد خليل، أحد السكان، أن المجتمع المدنى، خاصة الجمعية الشرعية، ساهمت فى حل مشكلة المياه، حيث قامت بإنشاء 36 محطة تحلية مياه وقامت بحفر عشرات الآبار، لكنه طالب بضرورة إرسال خبراء من وزارة الرى لتحليل مياه الواحات البحرية، والتى زادت نسبة الحديد بها، ما يؤثر على حياة السكان.

وطالب جميع الحضور بسرعة تأهيل محطة مياه الشرب الرئيسية بقرية القصر كى تضخ مياه شرب صالحة للاستخدام الآدمى، مع سرعة تركيب طلمبات غاطسة عليها لـ44 بئر مياه لرى أراضى الواحات البحرية.

حاولنا أن نبتعد كثيرا عن موضوع المياه، سألنا الأهالى: "هل هناك صعوبات تواجههم؟"، أجاب مدحت موسى، مفتش مالى وإدارة بشركة المياه: "لدينا مطلب وحيد لوزارة العدل والنائب العام، حقوقنا تضيع بسبب عدم وجود وكيل نيابة بمدينة الواحات البحرية، وهو ما يدفع الأهالى إلى التنازل عن شكواهم لدى الشرطة بسبب تحويلها للنيابة فى القاهرة، وهو ما يعنى قطع مسافة 365 كيلو مترا لحضور التحقيق فى شكواه، ولدينا مطلب آخر وهو إنشاء محكمة جزئية فى الواحات، حيث إن المحكمة الجزئية الموجوده هنا متنقلة، لا تأتي سوى يوم الثلاثاء فقط، وفى حالة الاستئناف على أحكامها، ليس أمامك سوى السفر للقاهرة والجيزة".

كانت مشكلة الصرف الصحى حاضرة فى اللقاء.. وجدنا أصواتا كثيرة تلقى باللوم على الحكومة، بسبب عدم وجود صرف صحى فى أى قرى أو مدينة بالواحات البحرية، الحاضرون عبروا عن سخطهم وطالبوا بسرعة إتمام وتنفيذ المشروع لأهالى الواحات البحرية، مؤكدين أن الآبار التى يتم حفرها اختلطت بمياه الشرب، وكذلك بمياه الرى وفقا للطبيعة الجغرافية لمدينة الواحات البحرية ذات المناطق الرملية والجبلية.

وأكد الحاضرون أن الآثار معرضة للخطر بسبب عمق الآبار التى يحفرها الأهالى كبديل عن الصرف الصحى، حيث تنتشر مياه المجارى بعدد من الآثار بسبب انخفاضها مقارنة بارتفاع المناطق التى تتواجد بها منازل أهالى الواحات.

وحول محور الأمن، أكد الأهالى أن الأمن مستتب فى مدينة الواحات البحرية، وهناك علاقة محبة تسود بين الأهالى وقوات الشرطة والجيش المتواجدين بالمدينة، لكنهم طالبوا بعمل كمين أمنى فى الطريق ما بين الواحات ومحافظة المنيا، عند مدخل قرية الحارة بسبب القبض على عدد كبير من اللصوص والمسجلين الخطر والذين كانوا يحاولون سرقة مزارع النخيل وحيوانات الأهالى بالواحات، كما طالب حمادة منصور، أمين عام نقابة الفلاحين، بتفعيل دور العمد والمشايخ.

كما طالب بزيادة عسكرى الدرك لبث الأمن والطمأنينة فى نفوس أهالى الواحات، خاصة أنها تتميز بتواجدها داخل الصحراء وتحيط بها الجبال من كل مكان، وإنشاء مجلس قروى لقرية الحارة وقرية الحيز وقرية الزبو، بالإضافة إلى توفير سيارة إسعاف وسيارة مطافئ لقرية الحارة.

وحول المشروعات الصناعية والزراعية، طالب الحاضرون بإقامة منطقة صناعية تخدم الشباب لإقامة الورش الحرفية والإنتاجية عليها بعيدا عن الكتلة السكانية، كما طالبوا بتوزيع الأراضى على شباب الواحات وتمليكها لهم لاستصلاحها وإقامة المشروعات عليها.

وحول التعليم، أكد الحاضرون أن مدارس الواحات لا تعانى كثافة طلابية، وأن مستويات الطلاب جيدة، والدروس الخصوصية غير مفعلة فى المدينة، لكنهم طالبوا ببناء جناح بمدرسة السلام الابتدائية بالباويطى وتحويلها لتكون مدرسة تعليم أساسى تخدم مرحلة التعليم الأساسى (رياض أطفال – ابتدائى – إعدادى)، وزيادة عدد مدرسى اللغات (الفرنسى –الإنجليزى) بسبب نقصهم.

وناشد الحاضرون فى نهاية اللقاء القيادة السياسية بتخصيص مقعد فى البرلمان للواحات البحرية باعتبارها من المناطق النائية التى تعانى الإهمال، والتى تبعد عن محافظ الجيزة مايعادل 365 كيلو مترا.

وأكدوا تمسكهم بالقيادة السياسية ووقوفهم وراءها لخدمة الوطن والحفاظ على مصر ورفضهم لأى محاولات لهدم مصر والخروج على القانون.