رحم الله الداخلية أو لا رحمها.. لا فرق

الشكر كل الشكر لثورة 25 يناير المجيدة التي أعادت للمصريين حقوقهم المغتصبة والضائعة، الثورة التي أعادت للمصريين كرامتهم المراقة تحت سنابك خيول الحزب الوطني وشركاه، الثورة التي منحت المتميزين امتيازات لتميزهم عن سواهم فصار صاحب الصوت الحنجوري إما رئيس حزب أو المنسق العام لحركة أو المتحدث الرسمي لائتلاف أو مذيع بإحدى منصات التحرير، ثورة منحت الجميع حق الإضراب للمطالبة بزيادة المرتبات أو للتثبيت أو لخلع رئيس المؤسسة، فئات أضربت واعتصمت بحثًا عن زيادة رواتب ومنها فئات تحصل على رواتب "بالكوم" وأمامها أبواب السرقة مشرعة ومفتوحة دومًا والطريق أمان حيث حاميها حراميها.
في كل شارع إضراب، وفي كل حارة اعتصام، وهتاف هنا وهتاف هناك وبين كل هتاف وهتاف تجد هتافين أو أكثر، ثورة ألغت الدمغات والشكاوى المكتوبة التي تضيع في دهاليز الكتبة البصمجية والمديرين المعاقين أو قل ذوي الاحتياجات الخاصة ليصبح التظلم والشكوى في صورة اعتصام أو إضراب أو قطع طريق، إنها الشكاوى المعروضة على الهواء مباشرة.
كم نحن سعداء لأن يحصل كل مصري على حقه وحق "اللي خلَّفوه"، ولكن تألمت لأن أجد فئة من فئات الشعب المصري العامل لم يتحرك أحد للمطالبة بحقوق مستحقة وواجبة وملزمة وضرورية وحتمية وشرعية وربما وطعمية لأهل هذه الفئة، تلك الفئة التي ظُلِمت ظلمًا بينًا حيث أهدرت الدماء وصعدت الأرواح إلى بارئها تشكوه ظلم القائمين على الثورة، حيث ورثة هذه الفئة لم يحصلوا على مستحقات هي دية شهداء هذه الفئة وجرحاها. إن الفئة التي ظُلِمت وضاعت حقوقها إنما هي فئة رجال الشرطة، رجال الأمن، رجال الداخلية باستثناء أمناء الشرطة المفصولين حيث تظاهروا وأضربوا واعتصموا وحرقوا بعض مباني الوزارة فحصلوا على حقوقهم أما رجال الأمن المركزي والأمن العام وأمن الدولة والمخابرات وشرطة المرور وشرطة الكهرباء وشرطة السياحة وشرطة المرافق بالذات وغيرها فجميعها ضاعت حقوقها حيث جميع رجال الشرطة استشهدوا في ميدان التحرير وكل الميادين، ماتوا على أيدي الثوار، ماتوا على أيدي ثوار موقعة الجمل، ماتوا على أيدي الثوار وخلاص، مليون شرطي تقريبًا ماتوا في الثورة على يد الثوار ولم يحصل ورثة جندي أمن على مستحقاته،مات رجال الأمن والدليل واضح وهو أن مصر صارت تمثل دولة بلا شرطة، بلا أمن، بلا وزارة داخلية، دولة تسير ببركة دعاء الشيوخ الملتحين، دولة تحيا حتى الآن بفضل رفق وعطف وشفقة البلطجية الذين باستطاعتهم محو الدولة من الواقع، شكرًا للثورة وشكرًا للبلطجية ورجاء من الاثنين السعي لمنح أسر رجال الداخلية مستحقاتهم إذ أن استشهاد جميع العاملين في وزارة الداخلية إنما هو تضحية غير مسبوقة، لقد مات جميع المنتسبين لوزارة الداخلية من أجل إنجاح الثورة، لقد خسرنا الكثير، لقد خسرت البلاد عقولاً أبدعت وتفننت وتفتقت عن أساليب للتعذيب كنا نباهي بها على بلاد الكون، رحم الله وزارة الداخلية، أو لا رحمها فإنه لا يهم، المهم هو كيف يحيا وطن بلا أمن وبلا أمان؟!.