الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الحكومة والتوفير للشعب


هناك طريقتان لتحسين أحوال الناس الاقتصادية، طريقة مباشرة تتمثل فى زيادة المرتبات أو البدلات، وطريقة غير مباشرة تتمثل فى تخفيف الأعباء والالتزامات المادية من على كاهل المواطنين، الطريقة الاولى يستفيد منها الموظفين فقط، سواء كانوا فى القطاع الخاص أو القطاع الحكومى، وغالبًا ما يتبعها زيادة فى نسب التضخم تأكل معها هذه الزيادة وتؤرق باقى فئات المجتمع.

أما الطريقة غير المباشرة فهى مفيدة للجميع، فعلى سبيل المثال لا الحصر، ونحن على أبواب امتحانات الفصل الدراسى الاول فى المدارس والجامعات، فأن قيام الحكومة بضبط العملية التعليمية بطريقة تجعل الطالب فى غير حاجة الى الدروس الخصوصية، توفر للأسر المصرية تكاليف هذه الدروس، وهى مبالغ كبيرة ومرهقة لميزانية أى أسرة مصرية، وتوفيرها يؤدى الى تحسين ميزانية الأسرة المصرية دون أن تتكلف الحكومة جنيهًا واحدًا.

وقس على ذلك تخفيف الأعباء فى باقى بنود أنفاق ميزانية الاسرة المصرية، فالمواطن الذى يجد العلاج المناسب فى المستشفى العام يوفر تكاليف الكشف والعلاج فى المستشفى الخاص، ولذا فإن أى تحسين للأوضاع الصحية فى المستشفيات الحكومية معناه زيادة غير مباشرة فى ميزانية الاسر الفقيرة والمتوسطة عن طريق توفير مبالغ الرعاية الصحية.

والمواطن الذى يجد المواصلات العامة الرخيصة، يوفر تكاليف المواصلات الخاصة الغالية، والمبالغ التى يوفرها فى تكاليف المواصلات الخاصة ينفقها فى بنود أخرى أساسية غير بند تكاليف المواصلات له أو لباقى أفراد الاسرة، فحتى الطالب الذى يجد وسيلة مواصلات عامة رخيصة ومناسبة له يستطيع ان يتقبل أى مصروف جيب يومى من أسرته، أو على الاقل يلتزم بالذهاب الى المدرسة أو الجامعة بانتظام.

فكلما تم تقديم الخدمات بصورة تراعى أحوال الناس المعيشية كلما أدى ذلك الى زيادة ميزانية بنود كثيرة فى موازنة أى بيت مصرى، فالذى يوفر ثمن العلاج الخاص ينفقه فى بند آخر يحتاج اليه، والذى يوفر بند الدروس الخصوصية ينفقه فى بند أهم بالنسبة له كالمسكن أو الملبس، وحتى المسكن عندما توفر الحكومة مساكن بقيمة تملك أو بايجار مناسب فأنها توفر للمواطن زيادة فى بنود أخرى غير بند الايجار أو تكلفة شراء المسكن.

وهذه هى فلسفة الدول المتحضرة فى أى مكان فى العالم، فلسفة المصلحة العامة لجموع المواطنين، والدعم غير المباشر لهم فى صورة خدمات بتكلفة مناسبة، وهو شيء أخشى أن نفقده مع مرور الوقت فى مصر فى ظل تنافس على فرض رسوم أو زيادتها فى العديد من القطاعات والمصالح الخدمية، فكل هيئة تعتقد أن مضاعفة تكلفة تقديم خدماتها لا يشكل عبئا على أحد، وهو شيء قد يكون صحيحًا لو أن هيئة واحدة فقط هى من تفعل ذلك، ولكن ما يحدث ان كل شيء يزيد بالتوازى، فى ظل تنافس عجيب على زيادة موارد بعض الهيئات الخدمية على حساب المواطن، الذى هو بحاجة الى زيادة موارده.

ولذا أعتقد أنه بات على الحكومة أن تراجع بنود الرسوم فى كل شيء، وبخاصة الرسوم التى تقررها بعض الصناديق الخاصة وتذهب لمصالح فئة بعينها فقط لا غير، وتخفيف أو إلغاء هذه الرسوم من على كاهل المواطنين، فذلك كما سبق وأن قلت سوف يؤدى الى زيادة ميزانية بنود كثيرة للأسر المصرية بطريقة غير مباشرة، وبخاصة فى ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التى نعيشها.

ونقطة أخرى هامة يمكن أن توفر للناس، وهى نقطة وقت تقديم الخدمات للمواطنين، فالعديد منها يستهلك أيام وربما أسابيع نتيجة البيروقراطية والروتين، وكل يوم يضيع على المواطن هو فى النهاية خسارة اقتصادية مباشرة له، ولذا فإن أى اختصار أو تيسير للخدمات يقابله توفير مباشر فى اقتصاديات أى أسرة مصرية فقيرة أو غنية على حد سواء.
 
وفى النهاية أكرر أنه أذا كان من المستحيل عمليًا على الحكومة زيادة دخل الأسر المصرية كلها مرة واحدة، فإنه من السهل عليها توفير الكثير من الجهد والمال لكل الأسر المصرية بطريقة مباشرة وغير مباشرة مرة واحدة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط