الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الجدل يعود من جديد حول نقل مقابر القاهرة إلى الصحراء.. المشروع تم طرحه في 2009 ورفض الأزهر وأصدرت «الإفتاء» فتوى بعد جوازه.. وثورة يناير جعلته حبيس الأدراج.. ونواب: تنفيذه صعب

صدى البلد

  • برلماني عن مشروع نقل المدافن: «انتهاك لحرمة الموتى»
  • برلماني يطالب بمنع دفن الموتى داخل مقابر العاصمة لمدة 5 سنوات
  • اللجنة الدينية بالبرلمان تكشف جواز نقل الميت من المقبرة
قبل 7 أعوام من الآن ثار جدل كبير بين وزارة الإسكان ومحافظة القاهرة من جانب، ومشيخة الأزهر ودار الإفتاء من جانب آخر، بعد الإعلان عن مشروع نقل المقابر خارج القاهرة بشكل كامل إلى مناطق صحراوية وتحويل أماكنها إلى مناطق سكنية جديدة والاستفادة منها، إلا أن المشروع قوبل بعاصفة كبيرة من الجدل والرفض كان أبطالها رجال الدين، بينما توقفت الدولة من جانبها عن إثارة الأمر من جديد.

ووفقًا لبيانات رسمية لمحافظة القاهرة، فإن مشروع نقل المقابر جُمِّدَ واختفى منذ ثورة 2011 رغم كونه أحد محاور مخطط القاهرة 2050 الذى وضعته وزارة الإسكان قبل ثورة يناير، حيث تنقل مقابر القاهرة (ما عدا الأثرية منها فقط) إلى الصحراء بعيدًا عن العمران، لكن المشروع توقف.

ووفقا أيضًا لتصريحات مدير إدارة جبانات القاهرة، فإن العاصمة بها 147 ألفا و544 مقبرة، معظمها فى أماكن حيوية تعد من أغلى المناطق السكنية وأجملها فى وسط العاصمة، وجبانة باب النصر بها 19 ألفا و575 مقبرة على 70 فدانا، وجبانة السيدة نفيسة على 120 فدانا، والبساتين على 120 فدانا، والإمام الشافعى والتونسى على 130 فدانا، وجبانة الخفير على 120 فدانا، وجبانة مصر الجديدة بها 1442 مقبرة على 25 فدانا.

وقت إثارة هذه الفكرة، صدرت معارضة كبيرة بسبب رفض الأزهر، وهو ما حسمته دار الإفتاء في فتوى لها مقيدة بتاريخ 1789 لسنة 2009، حيث كان السؤال الموجه للدار: "ما حُكم الإقدام على نقل المقابر الواقعة داخل مدينة القاهرة إلى أطرافها أو إلى خارجها؟"، وكان الجواب كالتالي: «كَرَّم اللهُ تعالى جِنسَ الإنسان بأنواع التكريم فجعله نَفيسًا غيرَ مبذول، قال الله تعالى: ﴿ولَقَد كَرَّمنا بَنِي آدَمَ وحَمَلناهُم في البَرِّ والبَحرِ ورَزَقناهُم مِنَ الطَّيِّبَاتِ وفَضَّلنَاهُم عَلى كَثِيرٍ مِّمَّن خَلَقنا تَفضِيلا﴾ [الإسراء: 70]، وكان مِن تكريم الله لعباده حال كونهم أمواتًا هدايتهم للتدافن، كما قَصّ الله تعالى علينا ذلك في قصة ابنَي آدم، وفيها: ﴿فَبَعَثَ اللهُ غُرَابًا يَبحَثُ في الأَرضِ لِيُرِيَهُ كَيفَ يُوَارِي سَوءَةَ أَخِيهِ﴾ [المائدة: 31]، فكان ذلك مِن جُملَة نِعَم الله على بني آدم؛ قال تعالى: ﴿أَلَمْ نَجعَلِ الأَرضَ كِفَاتًا أَحياءً وأَمواتًا﴾[المرسلات:25-26] أي: أنعمنا عليكم بتسخير الأرض لمصالحكم فجعلناها كِفَاتًا لكم؛ أي: ضامّة لأجسادكم فوق ظهرها حال حياتكم وفي جوفها حال موتكم، فكما أنَّ من نعم الله على عباده الأحياء أن أسكنهم الدور والقصور، فمِن نعمه على الأموات أن أسكنهم القبور؛ رحمة في حقهم، وسترًا لأجسادهم أن تكون بادية للسباع وغيرها، ومانعة من تأذي الأحياء بالرائحة الكريهة.

والدفن في الشريعة المطهرة يُعَدُّ مِن فروض الكفايات، وفرض الكفاية هو: كُلُّ مُهِمٍّ ديني يُراد حصوله ولا يُقصد به عَين مَن يتولاه، بحيث إنه إذا فعله مَن فيه كفاية سقط الحَرَجُ عن الباقين، وإن تركوه جميعًا أَثِمُوا جميعًا؛ قال الإمام النووي في "المجموع" (5/112، ط. المنيرية): [غسل الميت وتكفينه والصلاة عليه ودفنه فروض كفاية بلا خلاف] اهـ.

والمسلم إذا دفن في موضع من المواضع الجائز الدفن فيها كان هذا الموضع حبسًا عليه ما دامت بقايا جسده قائمة لم تتحلَّل ولم تَستَحِل عظامُه إلى الصورة الترابية إلا لضرورة، ولا ينحلّ هذا الحبس إلا بتحلُّل الجسد والعظام تمامًا بحيث يصير ترابًاو قال العلامة الخَرَشي المالكي في "شرحه على مختصر خليل" (1/225، ط. دار الفكر): [القبر حَبسٌ لا يُمشى عليه ولا يُنبَش)".

إلا أن الجدل عاد من جديد بعد إعلان محافظة القاهرة ووزارة الإسكان إحياء المشروع من جديد ليكون أحد الأفكار التى تسعى الدولة لتنفيذها.

من جانبهم، رفض عدد من نواب البرلمان الفكرة بشكل كامل، مؤكدين أن تنفيذها صعب، حيث استنكر النائب محمد فؤاد، عضو اللجنة المحلية بالبرلمان، مشروع نقل المدافن الموجودة داخل العاصمة إلى أماكن بعيدة للاستفادة من موقع المدافن، مؤكدًا أن المشروع انتهاك لحرمة الموتى وغير مجدٍ من الناحية العمرانية.

وأوضح "فؤاد"، في تصريحات خاصة، أن نقل مقابر العاصمة يعبر عن تناقض في اتجاه الحكومة العمراني، فلماذا تسعى الحكومة لإخلاء القاهرة إذا كانت ستبني عاصمة إدارية جديدة خارج القاهرة؟! مؤكدًا ضرورة إقامة مشاريع الإسكان والمدن الجديدة خارج نطاق العاصمة وعدم نقل مدافن الموتى إلا في الضرورة القصوى.

وطالب عضو محلية البرلمان، الحكومة بتنفيذ الأفكار القديمة أولا ثم اقتراح مثل هذه الأفكار، ذاكرًا أن التفكير الخاطئ يعد السبب الرئيسي وراء المشكلات والأزمات التي تمر بها مصر حاليًا.

من جانبه، قال النائب محمود نبيه، عضو لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان، إن نقل مدافن الموتى خارج العاصمة مسألة دينية أكثر منها عمرانية، مؤكدًا أن العشوائيات موجودة بجميع المحافظات وليست مقتصرة على القاهرة فقط، كما أكد أن معظم المقابر متواجدة خارج العاصمة بالفعل.

وأوضح "نبيه"، في تصريحات خاصة، أن نقل المقابر يتم في الضرورة القصوى، كتوسيع الطرق وإنشاء ميادين جديدة، مطالبًا بمنع دفن الموتى بمقابر العاصمة لمدة 5 سنوات، وذلك لتجنب غضب الأهالي وأصحاب المقابر من النقل المفاجئ لمدافنهم، مستطردًا: "البلد مش ناقصة أزمات".

وأعلن النائب عمرو حمروش، أمين سر اللجنة الدينية بالبرلمان، تأييده لما أعلنت عنه وزارة الإسكان ومحافظة القاهرة بشأن دراسة نقل المدافن المنتشرة بوسط العاصمة خارج المناطق السكنية، ضمن مشروع التطوير وإعادتها لرونقها، والقضاء على العشوائيات، مؤكدا أن نقل هذه المدافن أمر ضرورى من الناحية الصحية.

وأكد حمروش، فى تصريحات خاصة لـ"صدى البلد"، أنه ليس هناك من ناحية المنظور الشرعى ما يمنع نقل المدافن المنتشرة بوسط العاصمة خارج المناطق السكنية، بشرط أن يتم نقل جثامين الموتى بعيدا عن كسر العظام، وأن يتم نقل بصورة آدمية بعيدا عن تكسير العظام.

وكشف أمين سر اللجنة الدينية بالبرلمان عن أنه يجوز إخراج الميت من المقبرة فى حالتين: الأولى إذا كانت الأرض مغصوبة أى دفن فى أرض ليست ملكا له، والحاله الثانية إذا كانت الأرض التى دفن فيها رخوة ينبع منها الماء، وذلك طبقا لمذهب الإمام الحنفى.