الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الأديان المفترى عليها


لا تقطعوا شجرة , لا تقتلوا طفلًا صغيرًا أو أمراة أو شيخًا كبيرًا أو عابدًا فى صومعته , لا تغدروا ولا تمثلوا , تلك هى بعض الوصايا النبوية لأى جيش من الجيوش الإسلامية , ولا أحد من جند المسلمين كان يجرؤ على مجرد التفكير فى مخالفتها مهما كانت الأسباب.

وعندما دخل الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم - مكة المكرمة على رأس جيش قوامه عشرة آلاف فارس , بعد ان نقض المشركون فيها العهود معه وقتلوا رجال القبائل المسالمة من حلفاء المسلمين , وأهل مكة هؤلاء كانوا قد أخرجوه منها وهو أبن سيد قريش , وقتلوا أصحابه وعذبوهم حتى هاجروا منها تاركين ديارهم واموالهم , سألهم وهو المنتصر ما تظنون أنى فاعل بكم ؟ قالوا : أخ كريم وأبن أخ كريم , فقال لهم جميعًا : أذهبوا فأنتم الطلقاء , وعفى عنهم.

وبعد أن دخل المسجد الحرام أخذ بعض أصحابه مفتاح الكعبة من بنى شيبة , وهم أهل البيت المسئول عن حمل مفتاح الكعبة , وكانوا لم يؤمنون بالاسلام بعد , ذهب بنو شيبة إليه لا ليعلنوا إسلامهم بل ليطالبوه بمفتاح الكعبة , فأمر أصحابه أن يردوا عليهم مفتاحهم , الكعبة التى هى قبلة المسلمين كان يحمل مفتاحها رجال لا يؤمنون بالإسلام , أى عدل هذا وأى سلام هذا الذى كان عليه هؤلاء العظماء.

ولما دخل جيش المسلمين القدس , وطلب حامل مفاتيحها إلا يعطيها إلا لخليفة المسلمين نفسه , سافر سيدنا عمر بن الخطاب اليهم تلبية لشروطهم رغم ان جيشه كان يسيطر على كامل أرجاء المدينة , ولكنها تربية الإسلام الرفيعة , ورفض أن يصلى فى أحدى الكنائس خشية أن يأتى من بعده من يقول هنا صلى عمر ويحولها إلى مسجد , وخلال قرون من الزمان لم يجرؤ جيش من جيوش المسلمين على هدم دار عبادة لأى ديانة , أو يحول شبرا من أرض كنيسة أو معبد الى مسجد , ومعظم الكنائس فى البلاد الاسلامية تم بناؤها فى رحاب الإسلام.

ثم يأتى بعد ذلك من يفترى على الإسلام والمسلمين , ويتهم دينهم بأن فيه ما يدعو إلى العنف والإرهاب , لمجرد أن بعض الجهلاء والحمقى ممن ينتمون الى الإسلام يخالفون تعاليم الإسلام ويقتلون الناس بدون ذنب , وحتى هؤلاء الجهلاء والحمقى فإن عددهم على مستوى العالم لا يساوى عدد كتيبة من كتائب الجيش الصربى الذى قتل بشعارات مسيحية مئات الآلاف من المسلمين , وأغتصب مئات الآلاف من المسلمات, وأرتكب أبشع المجازر الجماعية , وكان قائده يقول إنه يُطهر أوربا من أتباع محمد , والمسيحية بريئة منهم والسيد المسيح برئ منهم.

فما جاء السيد المسيح إلا بالسلام كما جاء سيدنا موسى بالسلام وكما جاء سيدنا محمد بالسلام , بل إن الحمقى والجهلاء ممن يقتلون الناس باسم الإسلام ضحاياهم من المسلمين أضعاف ضحاياهم من غير المسلمين , والحمقى والجهلاء الذين لا يفقهون حقيقة وجوهر الدين موجودون بين اتباع كل الأديان السماوية وغير السماوية , ولا فرق بينهم إلا فى الأسماء فقط لا غير.

وما الفرق بين من قتل وأغتصب المسلمين تحت شعارات مسيحية فى صربيا , وبين من قتل وأغتصب المسيحيين تحت شعارات إسلامية فى سوريا أو فى العراق , وبين من قتل وشرد المسيحيين والمسلمين تحت شعارات يهودية فى فلسطين , لا فرق بينهم إلا فى عدد ضحاياهم , فكلهم مجرمون , لا علاقة لهم بجوهر الإسلام أو جوهر المسيحية أو جوهر اليهودية , كلهم لا يمثلون إلا أنفسهم والأديان بريئة من سلوكياتهم وجرائمهم .

فلا يوجد فى أى دين سماوى سواء كانت اليهودية أو المسيحية أو الاسلام ما يدعو إلى العنف وسفك الدماء البريئة , ولكنها حماقات بعض الجهلاء غير المتدينين , يرتكبونها باسم الاديان والاديان منهم بريئة , ويعاونهم فى ذلك كل من يفترى بالباطل على الاديان التى لا يؤمن بها , فمن يفترى على الاسلام هو شريك فى سفك الدماء , ومن يفترى على المسيحية هو شريك فى سفك الدماء , ومن يفترى على اليهودية هو شريك فى سفك الدماء , فما جاءت الاديان كلها إلا من عند الله , وما كان الله ليشرع سفك دماء عباده الذين خلقهم وكرمهم .

وما جاءت الاديان إلا لإصلاح أحوال الناس , ولكن بعض الناس عميت قلوبهم وعقولهم عن أى إصلاح , ولذا يحاربون الفطرة السليمة فى التعارف والتعاون والتعايش السلمى بين جميع البشر على وجه الأرض.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط