قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الخاسرون رهاناتهم فى 2016


بالتأكيد أنت تعرفهم مثلى تمامًا، لأنك بالتأكيد قابلت بعضهم فى أماكن العمل أو تناهى إلى سمعك «برطماتهم» الحادة المحتدة فى المواصلات العامة والآتية خاصة من الكراسى الخلفية فى «الميكروباص» وهم يلعنون ويسبون، أو طالعت تعليقاتهم السخيفة وقباحاتهم على المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعى، وربما راهنك واحد منهم على أن عام 2016 هو عام الخلاص، وهذا الخلاص برأيه سوف تجده موجهًا بالأساس إلى شخص بعينه، ومؤسسة بعينها، أما الشخص فهو الرئيس السيسى، وأما المؤسسة فهى الجيش.. أو بمعنى أكثر دقة المؤسسة العسكرية المصرية التى صارت تمثل لأعداء الدولة المصرية الوطنية فى الداخل والخارج عقدة تاريخية ممتدة منذ ثورة 23 يوليو 1952 وحتى ساعة تاريخه.

(١) مشاهد مؤلمة لا شك عشناها خلال العام المنقضى، وآلام صعبة أراها آلام مخاض، وأتمنى من الله ألا تستولد لنا فى القادم من الأيام جنينًا ميتًا أو مشوهًا، ولا ينتابنى لحظة القنوط من رحمته –سبحانه- بفقراء وغلابة هذا الوطن وما أكثرهم، ومنهم –للأسف– عدد غير قليل من المخدوعين الذين لايزالون ينتظرون عودة مرسيهم المنتظر، وإذا قادك حظك العثر أن تتناقش مع «دوجما» منهم فتقول له مثلًا:
ماذا فعل مرسى خلال السنة التى حكم فيها مصر؟! فيكون رده البغبغائى دون تفكير.. لقد حاربوه؟!
من الذى حاربه؟! سوف يواصل فيقول: الجيش والشرطة والقضاء والشعب والقنوات الفضائية و..
وبعد أن يدهشك غباؤه غالبا سوف تظهر تعجبك: (ياااااه) كل هؤلاء؟! وإذا اجتمع كل هؤلاء ضد مرسى فمن تبقى له من الشعب ليحكمه؟!.. الذى تبقى أهله وعشيرته فقط؟!، نعم كانوا هؤلاء فقط من تتوجه إليهم الجماعة وتتشوفهم ببصرها، حتى السلفيين الذين ساندوهم حتى وصلوا للحكم أخرجتهم الجماعة من دائرة الموالاة واستبعدتهم من حساباتها بعد أن انطلق المرشد ورجاله مفجوعين يعوضون جوعهم للسلطة والمناصب التى يرون أنهم حرموا منها منذ العهد الملكى الأول وحتى نهاية جمهورية مبارك الأخيرة.. فكانوا يأتون بكوادرهم ويسكنوهم فى الوظائف العامة والمناصب سعيًا إلى التمكين المنشود من الدولة ومفاصلها ولا شىء غير ذلك.

وفى اندفاعهم الأعمى لم ير شخص منهم -يمكن وصفه بالرشادة- أن قادة جماعته يهرولون نحو الهاوية، ويشدون الوطن فى أذيالهم.. أذيال الخيبة التى أتت بمدرسى الابتدائى من النجوع والقرى وجعلت منهم مستشارين للقصر الرئاسى لمجرد أنهم إخوان، أو وظفتهم فى الإعلام لأنهم يجيدون كتابة موضوعات الإنشاء وهذا حقيقى والنماذج معروفة ومنهم من تولى قيادة العمل الصحفى فى جريدة حزب الإخوان «الحرية والعدالة» أو العمل الإعلامى فى القناة الناطقة باسم الجماعة، واشتهر منهم المذيع الذى اصطاده الأراجوز باسم يوسف ليجعل منه أمثولة للسخرية بسقطاته وعثراته وحبسته اللغوية.

وإذا كان ما سبق هو المشهور والمتواتر من سيرة سنة تقريبا كانت هى الأخطر والأصعب فيما مرت به مصر خلال ما مضى من سنوات القرن الواحد والعشرين، وما أقصد تحديدا هو النصف الثانى من عام 2012، والأول من 2013، وبعد ما يزيد على 3 سنوات من ثورة 30 يوليو وضعفها على ثورة يناير فإن الملفات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية الأخطر خلال حقبة الإخوان، أو حقبة مبارك والثورة وما جرى فيها مازالت إما غائبة حقيقتها عن الإعلام أو لم يحسن الإعلام عرضها، ولو عرف المصريون حقيقة ما كان ينتظرهم لو تحقق ما كان مخططًا ضدهم –لا قدر الله- لشابت شعور الولدان منهم وهم فى حجور أمهاتهم.

(٢) وخلال ما يقرب من 63 عامًا منذ أن انتهى شهر عسلهم مع ثورة يوليو وإلى اليوم لم يفارق الإخـوان توهمــات مــؤداها أن عبد الناصر ورفاقه الضباط الأحرار سرقوا حقهم فى السلطة وحكم مصر مع أنهم أشطر وبيفهموا فى كل شىء، وأسس الإخوان وهمهم هذا على حكاية كرتونية جعلوا من أنفسهم فيها شركاء أصليين فى ثورة يوليو، وفى هذه الحكاية التى ألفها ضابط إخوانى اسمه عبد المنعم عبد الرؤوف ونشرها فى كتاب وجعل عنوانه: «أرغمت فاروق على التنازل عن العرش» وكان هذا الضابط قبل ثورة يوليو بسنوات قد شارك فى اللجنة التأسيسية لتنظيم الضباط الأحرار وانضم إليهم بعض الوقت لكنه غادر التنظيم عندما أصر أن يكون موجودًا فيه ممثلًا للإخوان، ويعمل لحسابهم وتم رفض هذا داخل تنظيم الأحرار، وعندما قامت الثورة طلب هذا الضابط من عبد الناصر اعتمادا على صداقتهما القديمة أن يكون له دور فى الأحداث، فأرسله على رأس كتيبة مدرعات ضمن أسلحة وكتائب أخرى لمحاصرة قصر رأس التين أحد القصور الملكية فى الإسكندرية والجميع يتصور أن الملك فى قصر المنتزه، الذى توجهت له قوات أخرى وشاء الحظ أن يهرب الملك ليلـة 25 يوليــو إلى قصــر رأس التين ويصل عبد المنعم عبد الرؤوف ويحاصره فى الصباح ولم يزد دوره على هذا إضافة إلى إطلاق بعض الأعيرة النارية دون داع إلا تخويف الملك وهو يوقع وثيقة التنازل عن العرش التى ذهب بها إليه كل من محمد نجيب وعلى ماهر رئيس الوزراء، وغادر الملك خارج البلاد فيما عاد عبد الرؤوف بكتيبته بعد ساعات إلى القاهرة وبعدها أُبعد لمهمات خارج مصر لكن الإخوان جعلوا من مهمته الفتح المبين ونسوا موقفهم المتردد من الثورة فى بدايتها حتى استقر المشهد فحاولوا ركوبها تمامًا كما حدث مع ثورة يناير 2011 التى احتكروها لأنفسهم حصريًا .. وكأن التاريخ يتكرر بالكربون، وهم يريدون الحكم ويقولون إنه وسيلتهم للتغيير والحقيقة أن الوسيلة تحولت مبكرا جدا فى تاريخهم إلى هدف وغاية ومبتغى وصراع وحرب تراق فيها الدماء وتسقط فيها الضحايا، ولا يهمهم حتى لو سقط الوطن نفسه لأنه فى عقيدتهم جزء وليس كل وولاية ضمن ولايات الخلافة العديدة.

وباختصار هم لا يؤمنون بالدولة القومية أو الوطنية ولكن يؤمنون بأممية الخلافة وأستاذية العالم، وهم لا يملكون أكثر من تصورات نظرية قاصرة لهذا المشروع، وقد كشفت التجربة أن تصوراتهم لا تصلح لحكم مدينة أو محافظة لكن إخوان مصر يصرون على أن يبدأوا بحكم العالم!

(٣) لقد أخذتنا سنة حُكم (الإخوان) بعيدا عن أحداث العام المنقضى (2016)، وما فعلت هذا فى الحقيقة إلا لنصل إلى نتيجة أن جزءًا كبيرًا من معاناتنا خلال هذا العام كانت بسبب ما مضى وإذا كانت الأزمة التى عشناها خلاله واشتكى منها الناس هى بالأساس أزمة اقتصادية فلنا أن نسأل، ما الذى أخر عودة السياحة التى كانت تمثل إيراداتها نسبة كبيرة من الدخل القومى؟! وما الذى حدث بالنسبة لتحويلات المصريين النقدية من الخارج وكانت تمثل ضلعًا ثانيًا بالإضافة للسياحة من أربعة أضلاع تشكل هذا الدخل لسنوات كثيرة مضت؟!

ومن الذى لعب فى أسواق العملات الأجنبية وأوصل سعر الدولار إلى 18 جنيهًا قبل تحرير سعر الصرف؟! ومن الذى يشيع أجواء اليأس والإحباط والقنوط بين المصريين ويثبط الهمم؟! ومن الذى يضع يده فى أيادى أعداء الوطن الملوثة بدماء المسلمين والعرب فى ليبيا وسوريا وسيناء وعند مسجد السلام بالهرم والكنيسة البطرسية فى العباسية؟! من الذى يخطط ويوجه ويمول من مخابىء الدوحة وأنقرة وطهران ويتحالف مع أجهزة المخابرات فى الغرب الأمريكى لترعى وتأمّن اجتماعات التنظيم الدولى؟!.. ومن ومن؟!

(٤) ولا يستطيع أحد أن ينكر أنه على مستوى الداخل من غير الإخوان هناك من الشعب ونُخَبُه من يعارض بعض إجراءات الإصلاح الاقتصادى الأخيرة وفى القلب منها قرار تحرير صرف العملة والرفع الجزئى للدعم مقابل زيادة شبكات التضامن الاجتماعى وهى إجراءات صعبة جدًا لم يجرؤ نظام مبارك على اتخاذها، لذلك قيل من خبراء الاقتصاد إننا تأخرنا فيها كثيرًا لكنها فى النهاية صدرت وقبلها الشعب لكن اللصوص الكبار كعادتهم، استغلوها لسرقة الناس بأن بالغوا فى زيادة الأسعار دون أدنى إحساس بالمسئولية أو حتى الإنسانية ولم يردعهم وازع من دين أو ضمير فزاد إحساس الناس بوطأة الغلاء، وانفتحت جبهات أخرى للحرب على الحكومة التى تجرى ومعها المؤسسة العسكرية لملاحقة أزمات ما بعد ثورة يناير الناتجة عن الفوضى، أو تلك التى يتم تصديرها عن عمد ممن ذكرناهم آنفا أو الأزمات التى تتفجر كل يوم نتيجة لأمراض يعانى منها المجتمع لسنوات عديدة خلت ولأسباب الجهل والرشوة والمحسوبية والفساد الذى تجذر فى أرض المحروسة!

بالفعل مر عام صعب لكن صعوبته لم تعطل حركة مصر المقاومة ولم تصب الرئيس أو عموم المصريين باليأس لأنهم يرون مقابل معاناتهم إنجازات تخرج من الأرض وأخرى تمهدها طرقات للسير وثالثة تشقها وتغرس فيها بذرة أو شجرة تنبت حياة جديدة تقاوم الموت والإرهاب وأولئك الذين يجلسون على شاطئ الجزيرة القطرية ينتظرون جثة مصر تأتى لهم عائمة.. ثبط الله سعيهم وخيب رجاءهم.