الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

تغيير الحكومة ضرورة يفرضها الواقع


ليس طعنا في شرفها، أو تقليلا من وطنيتها وإخلاصها، إذا قلت إن تغيير الحكومة الحالية، أصبح ضرورة يفرضها الواقع، وتمليها الظروف التى يعيشها المواطنون، الذين تحيطهم مشاكل غير مسبوقة تتمثل فى الارتفاع شبه المتواصل للأسعار، الذى طال السلع الأساسية، حتى ضاقوا ضجرا بالأوضاع، التى أحمل الحكومة الحالية سبب تفاقمها، بعد أن تقلص دورها فى حماية المواطنين وحفظ حقوقهم فى الحياة ، وفق المتاح لهم من دخول هزيلة ، تأكل الزيادة فيها زيادة الأسعار التى لا حدود لها.

ولست على قناعة كافية بأن ارتفاع الأسعار، وبالصورة التي يلمسها المواطنون يوميا، ترجع إلى زيادة فى مدخلات العملية الإنتاجية، والتى يروج لها بعض المنتجين والتجار، الذين يتاجرون بالأزمات لصالح تعظيم الأرباح.

كما أننى لست على قناعة بأي درجة، بأن تعويم الجنيه الجزئي هو المسئول عن تلك الزيادات التى لا حدود لها، وإنما قناعتى تترسخ فى غياب دور الحكومة، الذى يأتى فى مقدمته الرقابة الصارمة على السلع التى تصل إلى المواطنين ، بدءا من المصانع وخطوط الانتاج ، وانتهاء بالمستهلك النهائى، مرورا بتجار الجملة والتجزئة.

فالحكومة الحالية، تفتقد لأبسط قواعد الإدارة ، وأخص منها الجانب الاقتصادى ، فهى ليست لديها مقومات العمل الجاد ، خاصة فى تلك الظروف الصعبة التى يمر بها الوطن، ويتعرض لها الاقتصاد القومى، الذى يعانى بجانب تراجع معدلات التنمية ، أزمة كبيرة فى الاستثمار، ويسبق ذلك كله الرقابة على الأسواق.

صحيح أن هناك زيادة فى قيمة مدخلات بعض المنتجات، خاصة التى تعتمد على السلع الوسيطة، التى يتم استيرادها من الخارج ، غير أن الزيادة فى أسعار المنتج النهائى والتى يتحملها المستهلك لا تتناسب على الإطلاق مع زيادة تكاليف الإنتاج، بل فاقت زيادة السعر النهائى الزيادة فى تكاليف الإنتاج، وأصبح السعر النهائى متروكا للعوامل الشخصية وتحديدا للمنتجين وبالتبعية لدى باقى أطراف العملية التجارية انتهاء بتاجر التجزئة، حتى وصل الأمر ببعضهم إلى أنه يحدد سعر بيع السلعة خلال الأيام القادمة، وأصبح السعر محددا من جانب التاجر كأن يقول "كيلو الأرز اليوم بقيمة 8 جنيهات وغدا سوف يكون بقيمة 9 جنيهات والأسبوع القادم بقيمة 12 جنيها" وهو ما يدل على أن تحديد السعر لا يخضع إلا للعوامل الشخصية لدى المتحكمين فى وصول السلعة للمستهلك.

كل ذلك يؤكد أن وزراء الحكومة الحالية لا يقومون بدورهم كما ينبغي تجاه الحفاظ على معدلات الأسعار وحفظها عند الحدود العادلة، التى لا تضر بالمستهلك، بما يتطلبه ذلك من رقابة صارمة على الأسواق، والتفاعل مع المواطنين فى كل الشكاوى التى تصل إليها بخصوص تلاعب التجار فى الأسعار.

والعذر للحكومة فى ذلك لأنها ،كما سبق وأسلفت القول، لا تتوافر لديها مقومات الإدارة الناجحة ليس فقط فى المجال الاقتصادي، بل فى مختلف المجالات.

وحينما أقول إن تغيير الحكومة، اليوم قبل الغد، يمثل ضرورة يفرضها الواقع ، فإننا نعنى أن استمرارها ، يعنى استمرارا للأوضاع الاقتصادية السيئة ، وأن المواطن لديه درجة تحمل ، قد تتخطى محاولات الحكومة الحالية لكبحها ، ومن ثم فان استمرارها يعنى استمرار أزمات لن يقوى المواطنون على حملها، مما قد يعمل على تفجير ثورة غضب لديهم.

الأوضاع الاقتصادية الحالية والمتأزمة، إذن، ليس مردها قرارات أو تغيرات اقتصادية فرضتها الأوضاع الاقتصادية العالمية أو الداخلية ، وإنما مردها سوء الإدارة التى بدت بها الحكومة الحالية التى يجب تغييرها، بعناصر أكثر قدرة على فهم الواقع الاقتصادى المتأزم، وعلى الإدارة بما يمد من أمد تحمل المواطنين للأزمات التى يتعرض لها الاقتصاد القومى.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط