القرن الأفريقي ... حديث الإنسانية الزائف

يكتسب القرن الأفريقي أهميته الاستراتيجية من خلال الموقع الجغرافي الذي يجعل لهذه المنطقة بعدا سياسيا واقتصاديا هاما ويشهد علي ذلك تاريخ هذه المنطقة والصراعات التي سيطرت علي المشهد السياسي لفترات ليست بالقصيرة ، كذلك فإن البعد الجغرافي بالإضافة إلي موارد هذا الإقليم يضيف أهمية أدت إلي صعود الاهتمام الدولي والإقليمي بالقرن الأفريقي في السنوات الأخيرة ، ولتأصيل الحديث ينبغي التأكيد علي أن دول الإقليم وهي الصومال وجيبوتي وإريتريا والسودان وجنوب السودان وكينيا وإثيوبيا وأوغندا تعاني أشد المعاناة علي واقع تلك الأهمية الإستراتيجية لهذا الإقليم وذلك علي واقع التحكم في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر ، لذلك كانت الصراعات بين دول الإقليم بعضها البعض علي السيادة وتداخل الإثنيات كان دافعا رئيسيا لتلك الصراعات وأبرز مثال علي ذلك حرب الأوجادين بين الصومال وإثيوبيا.
كذلك لعبت دول الإقليم دور الوكالة إبان الحرب الباردة وامتدت لما بعدها تحت شعارات أخرى منها الحرب علي الإرهاب أو محاربة الشيوعية وهناك دائما ارتباطا شرطيا بين مشاهد الجفاف والجوع ودول هذه المنطقة حيث سيطرت تلك المشاهد لفترات طويلة نشرات الأخبار في معظم دول العالم وللموضوعية فإن هذه المشاهد كانت حقيقية لأن الجفاف وارتفاع درجة الحرارة أدى إلى كوارث إنسانية وبيئية مع ارتفاع التصحر أدي في النهاية إلي نقص الغذاء وانتشار الفقر والجوع ، وتم معالجة ذلك علي الشاشات فقط.
وحتى يكون الحديث موضوعيا أكثر نأخذ نموذجا من إحدي دول هذا الإقليم وهي الصومال التي عانت ومازالت من قسوة الطبيعة والتغيرات المناخية التي أدت إلي تزايد الفقر والجوع بالإضافة إلى تآمر دولي واضح علي الاقتصاد الصومالي الذي كان عماده الرعي والزراعة وتم تدمير ذلك ببرامج التكيف الهيكلي التي أدت إلي تدمير الزراعة والرعي وتحولت إلي الدولة الأكثر فقرا علي مستوي العالم ، وأصبحت الدولة تعتمد علي المعونات وانهارت الدولة وأصبحت نموذجا للفشل ، ذلك المفهوم الذي يطلق عادة والقصد هنا الدولة الفاشلة علي تلك الدولة التي لا تستطيع معها الحكومة المركزية السيطرة علي جنبات الدولة إن جاز لنا التعبير وبالتالي تنعدم السلطة الركن الثالث من أركان الدولة وبالتالي لا وجود لهذا المعني السياسي.
وفي الختام فهناك حديث إنساني زائف حول المجاعات في الصومال يؤكد علي وجود مساعدات وبرامج للحيلولة دون الموت جوعا أو فقرا والحقيقة تؤكد علي أن هذه المجاعة من صنع زمن العولمة وبرامج من صنع الغرب وأدت إلي كوارث إنسانية مازالت ممتدة والحل تبني الحلول الداخلية وتغليب سياسات التكامل بين دول الإقليم ودول القارة بشكل عام وتسوية الصراعات التي لم نجني من ورائها سوي المزيد من التفتت والفرقة وللحديث بقية