الأزواد .. قراءة فكرية وسياسية

تعد جمهورية مالي إحدي دول غرب أفريقيا وتمثل نسبة الأراضي الصحراوية وشبه الصحراوية بها حوالي 65% من اجمالي مساحتها ، وشق الاسلام طريقه إلي هذه البقعة في القرنين الثامن والتاسع الميلادي ومازالت علي المذهب السني حتي الآن ، ويعتبر الأمازيج أو الطوارق أو الملثمون أو الرجال الزرق أحد مكونات جنوب الصحراء في الاجمال ووجودهم بالأساس في ليبيا والجزائر والنيجر ومالي والمغرب وموريتانيا وهي قبائل اجتمعت علي حب الصحراء ونظامهم الاجتماعي يكرس لهوية الأزواد أو المجتمع الطارقي حتي يكون المكون سياسيا وفكريا في آن واحد.
أما عن الحديث السياسي ينطلق من الحركة الوطنية لتحرير أزواد حيث بداية الصراع الشديد عقب الانقلاب العسكري الذي نفذه مجموعة من شباب الجيش في مالي واستطاعت الحركة في مدة قصيرة السيطرة علي معظم مدن الشمال وهي تمبكتو وكيدال وغاوغاو وتحظي مدينة تمبكتو أهمية كبيرة لدي شعب مالي ولدي التراث الإنساني في العالم لكونها مدينة أثرية تحوي الكثير من المعالم والأضرحة الإسلامية ، ومع اعلان الحركة الوطنية لتحرير أزواد إقامة دولة للأزواد شمال مالي عام 2011 كان لابد من توضيح بعض من أفكار الحركة التي تنطلق تحت راية الاستقلال أو الانفصال عن السلطة المركزية في باماكو العاصمة ، وبداية المشكلة الأزوادية في العصر الحديث مع كفاحهم ومقاومتهم ضد المستعمر الفرنسي وتم الاستقلال المعيب من وجهة نظرهم وتم الحاقهم بدولة مالي علي غير رغبتهم ورغبة شيوخهم.
وترى الحركة أن دولة مالي هي وريثة للاستعمار الفرنسي وتسعي إلي تحرير أرض أزواد علي واقع الدولة الأمة التي تجتمع علي هوية الصحراء لأنها لا تعتمد فقط علي الحيز الجغرافي شمال مالي ولكنها تمتد في عمق الصحراء من ليبيا حتي موريتانيا وتقاتل والكلمة من أدبيات الحركة من أجل هوية الطوارق وتوحيد أطياف الشعب الأزوادي وذهبت إلي أبعد من ذلك واعتبرت تواجد مالي في أرض أزواد تواجدا غير شرعي وتتحدث عن الظلم الفرنسي الذي جاء علي تجاهل رغبتهم في عدم إلحاق إقليمهم بأي دولة أخري والحركة تعتمد علي العلم الأزوادي والخريطة الأزوادية واللغة العربية والفرنسية بالإضافة إلي لغات الطوارق ، وعندما نادت مالي علي دول الجوار الإقليمي والمجتمع الدولي لنجدتها من التطرف الذي حدث بالوحدة ما بين الحركات العلمانية والاسلامية في الشمال المالي حضرت فرنسا علي واقع إنساني والهدف برجماتي كالعادة حماية مصالحها في الغرب الأفريقي ، وتم احتواء الموقف نسبيا مع بقاء المطالب الأزوادية علي حالها والمناداة بالاستقلال ووحدة التراب الأزوادي مازال قائما في أدبيات الحركة.
وفي النهاية فإن السلطة المركزية في مالي ومعها دول الجوار الإقليمي والاتحاد الأفريقي وفرنسا والدول الكبري كانوا في الموعد وقاوموا الرايات والحركات الإرهابية في هذه البقعة من العالم حتي أن رئيس مالي قد عبر عن شكره للحكومة الفرنسية قائلا "لا أجد كلمات في اللغة الفرنسية أعبر بها عن شكري للحكومة الفرنسية" ، وأفكار الأزواد علي حالها وعلمهم وأفكارهم مازال في حيز العقول وانتماء الهوية فقط دون حيز جغرافي والأيام القادمة كاشفة.