الإدارية: حق الأجنبى في دخول مصر مقيد بالمحافظة على كيانها الأخلاقى

أكدت المحكمة الإدارية العليا دائرة فحص الطعون برئاسة المستشار أحمد الشاذلى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى وسامى درويش نائبى رئيس مجلس الدولة على أن حق الأجنبى في دخول مصر مقيد بحقها فى المحافظة على كيانها الأخلاقى، موضحة أن اقامته تكون على سبيل التسامح بين الدول وفقًا للأعراف الدولية.
وشددت المحكمة أنه منذ ابرام إتفاقية مونترو بإلغاء الإمتيازات الأجنبية اصبح من حق مصر منع الأجانب الشواذ من دخول البلاد للحفاظ على الاَداب العامة، وأكدت على أن سلطة وزارة الداخلية تتسع في مجال من له الأحقية من الأجانب في دخول البلاد وتمنع انجليزى اثبتت التحريات أن لديه شذوذ جنسى ويمارسه مع المواطنين بمحل إقامته بمدينة الأقصر مقابل مبالغ مالية.
وقضت المحكمة الإدارية العليا بإجماع الاَراء برفض الطعن المقام من أحد الانجليز ضد وزير الداخلية لمنعه من دخول مصر والإقامة بمدينة الاقصر والزمت الطاعن البريطانى المصروفات.
ولفتت المحكمة إلى أن المشرع الدستورى جعل الحياة الاَمنة حق لكل إنسان , والزم الدولة بتوفير الأمن والطمأنينة لمواطنيها , ولكل مقيم على أراضيها , مع وجوب التزام الدولة بالاتفاقات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التى تصدق عليها مصر , وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا للأوضاع المقررة , كما أوجب على هيئة الشرطة أن تكفل للمواطنين الطمأنينة والأمن , وتسهر على حفظ النظام العام , والاَداب العامة , وتلتزم بما يفرضه عليها الدستور والقانون من واجابات , واحترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.
واضافت المحكمة، أن إقامة الأجنبى بالبلاد يلزم فيها أن تكون بترخيص من وزارة الداخلية التى تترخص فى تقدير مناسباتها فى حدود ما تراه متفقًا مع المصلحة العامة بأوسع معانيها، إذ إقامة الأجنبى لا تعدو أن تكون صلة وقتية عابرة لا تقوم إلا على مجرد التسامح الودى من جانب الدولة ، و لا تزايلها هذه الصفة مهما تكرر تجديدها ، ما دام لم يصدر قرار إدارى ينشىء للأجنبى مركزًا قانونيًا فى إقامة من نوع آخر ، ويكون لوزارة الداخلية أن ترفض الترخيص بها أو تجديدها ، حتى لو توافرت شروطها الأخرى إذا كان فى وجود الأجنبى ما يهدد أمن الدولة أو سلامتها فى الداخل أو فى الخارج أو إقتصادها القومى أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو السكينة العامة أو كان عالة على الدولة .
ويلزم الأجنبى الذى يبغى الإقامة فى مصر أن يحصل على ترخيص بها من وزارة الداخلية و يلزم بمغادرة الأراضى المصرية بمجرد إنتهاء مدة الإقامة المرخص له بها ما لم يحصل قبل إنتهائها على ترخيص بمدها فإذا ما أقام بغير ترخيص سواء كان ذلك إبتداء أم بعد إنتهاء مدة إقامة سبق أن رخص له بها جاز إنهاء إقامته و تكليفه مغادرة البلاد فحق الأجانب فى الإقامة على إقليم الدولة من الحقوق التى تستقل هى بالتصرف فيها و تنظيمها و تعيين ما يترتب عليها من آثار دون أن يرد على سلطاتها فى ذلك قيد إلا أن ترتبط بمعاهدة أو تصدر تشريعًا خاصًا فى هذا الشأن وهو ما سلكه المشرع المصرى منذ عام 1938 حتى الاَن وعلى نحو ما سيرد ذكره .
وذكرت المحكمة أن الأصل فى إقامة الأجنبى بإقليم الدولة و فى حق الدولة فى ابعاده هو أن الدولة إذا ما سمحت للأجنبى بالدخول إلى إقليمها فإنه لا يترتب على ذلك نشوء حق دائم لهذا الأجنبى فى الإستقرار بأقليمها فهذا الحق مقصور على الوطنيين وحدهم .
وتحدد الدولة عادة للأجنبى الذى يفد إلى إقليمها مدة إقامة معينة يغادر الإقليم لزامًا عند إنقضائها ما لم تسمح له بتجديد هذه المدة لأجل آخر معلوم - و يتمتع الأجنبى خلال المدة الصرح له بها ، بالإقامة و التنقل داخل إقليم الدولة وفقًا للشروط و الأوضاع التى تحددها الدولة فى هذا الشأن , غير أن حق الأجنبى فى ذلك يرد عليه قيد أساسى مستمد من حق الدولة فى البقاء و المحافظة على كيانها . و هذا الحق الأصيل كاف وحده لتخويل الدولة سلطة إبعاد كل أجنبى يهدد سلامتها و ذلك على الرغم من عدم إنقضاء مدة الإقامة المصرح بها .
وأوضحت المحكمة، أنه من ناحية التوثيق التاريخى فإنه لم تكن هناك قواعد قانونية تنظيم إقامة الأجانب فى مصر إقامة مؤقتة و إقامة دائمة إلى أن أبرمت إتفاقية مونترو بإلغاء الإمتيازات الأجنبية فتنبه الشارع المصرى إلى ضرورة معالجة أمر دخول الأجانب هذه الديار و إقامتهم بها بتشريع محدد فأصدر القانون رقم 49 لسنة 1940 بشأن جوازات السفر و إقامة الأجانب فى مصر على أن هذا القانون و أن نظم دخول الأجانب فى هذه البلاد وخروجهم منها إلا أنه إكتفى فى شأن إقامة الأجانب بنص المادة العاشرة منه ، و هذه المادة تلزم الأجنبى بمغادرة الأراضى المصرية بمجرد إنتهاء مدة الإقامة التى رخص له بها إلا إذا حصل على ترخيص بمدها قبل إنتهائها فلم يبين هذا القانون أحكام الترخيص بالإقامة و مدتها .
وصدر المرسوم بقانون رقم 74 لسنة 1952 فى 26 من مايو سنة 1952 فى شأن جوازات السفر و إقامة الأجانب فى مصر و نص فى مادته الخامسة و العشرين على إلغاء القانون رقم 49 لسنة 1940 المشار إليه كما ألغى المرسوم الصادر فى 22 من يونية سنة 1938 الخاص بإبعاد الأجانب>
وأوضح المشرع فى هذا المرسوم بقانون أحكام الأراضى المصرية و الخروج منها و الإقامة بها و الأبعاد منها فبسط فى المادة التاسعة منه القاعدة العامة هى أن الترخيص بالإقامة شرط لإقامة الأجنبى فى مصر فجرت هذه المادة بأنه يجب على كل أجنبى أن يكون حاصلًا على ترخيص فى الإقامة و أن يغادر الأراضى المصرية عند إنتهاء مدة إقامته ما لم يكن قد حصل قبل ذلك على ترخيص من وزارة الداخلية فى مد إقامته , وهو ما ردده المشرع في المادة (16) من القانون رقم 89 لسنة 1960 الصادر بقرار رئيس الجمهورية بشأن دخول وإقامة الأجانب بأراضى الجمهورية والخروج منها المعدل بالقانون رقم 88 لسنة 2005.
واختتمت المحكمة حكمها المهم أن الثابت بالأوراق – وعلى نحو ما جاء بكتاب وزارة الداخلية قطاع الشئون القانونية بالوزارة المؤرخ 13/12/2015 - أن الطاعن باعتباره بريطانى الجنسية سبق رصد اعتياده على ممارسة الشذوذ الجنسى مع المواطنين بمحل إقامته بمدينة الأقصر مقابل مبالغ مالية , وتم إدراجه على قوائم منع الدخول إلى البلاد خشية على حياته فى ضوء ما تردد حول إصابة أحد المتصلين به بمرض الايدز وترصد البعض به , ومن ثم يكون قرار وزارة الداخلية و الحالة هذه مما تترخص فيه بسلطتها التقديرية فى حدود ما تراه متفقًا و المصلحة العامة ويكون قرارها لما قام لديها من أسباب مبررة و إعتبارات تتصل بالأمن و بالصالح العام و يرجع إليها فى تقدير خطورتها على الأجنبى .
كما اختتمت المحكمة أيضًا أنه لا ينال من ذلك تقديم الطاعن البريطانى شهادة طبية بخلوه من مرض الايدز , ذلك أن الادرة لم تثبت عليه ذلك في قرارها وانما ورد في تحرياتها انه مما يتردد اصابة من مارس معه هذا المرض , وما قطعت به هو ممارسته للشذوذ الجنسى وأقامت عليه قرارها وهو ما يخالف الاَداب العامة وتقاليد وعادات المجتمع المصرى , و لا يحول دون إيثار الصالح العام و تغليب جانب الأمن و ضروراته و سلامة الدولة فى هذا الشأن وجود مصلحة شخصية للأجنبى بالبلاد تتحقق ببقائه فيها فترة من الزمن . كل أولئك يبعد بل ينفى أصالة شبهة إساءة إستعمال السلطة و يهدر القول بأن مخالفة وقعت لأحكام القانون .