الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الهضبة صدمت أسيوط


فى السنوات العشر الاخيرة صارت أسيوط بصعيد مصر واحدة من أغلى مدن الارض فى أسعار الاراضى والشقق السكنية , حتى بات رقم المائة الف جنيه ثمنًا لمتر الارض شئ عادى فى عدد من شوارعها التجارية الرئيسية , ومع كل زيادة جنونية فى أسعار الاراضى السكنية تزداد وتيرة الفقر والفقراء فى أفقر محافظات مصر على الاطلاق.

فأسيوط صاحبة أعلى سعر للارض السكنية فى مصر , هى صاحبة أعلى نسبة للفقراء فى مصر أيضًا , فنسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر فيها يزيد على 65 بالمائة من عدد السكان البالغ عددهم ما يقارب الخمسة مليون إنسان , أى اننا لدينا فى اسيوط ما يزيد على ثلاثة ملايين مصرى يعيشون أو يموتون تحت خط الفقر سواء بمقياس مصر أو مقياس العالم .

بكل تأكيد من يدفع مائة مليون أو مائتى مليون جنيه ثمنًا لقطعة أرض سكنية فى اسيوط , ليس من ضمن هؤلاء الفقراء , ربما كان واحدًا منهم يومًا ما, ثم باع قطعة اثار أو تاجر فى السلاح أو المخدرات , ووجد فى المضاربة العقارية بأسيوط ضالته , ولذا بات من الطبيعى ان تسمع كل يوم عن اسماء جديدة فى عالم العقارات بأسيوط , اسماء لا علاقة بها بالعمل الاقتصادى من بعيد أو قريب .

فعالم العقارات بأسيوط عالم مستقل , وخارج عن مراقبة أو تنظيم الدولة , هو يكاد يكون دولة موازية , حيث يتم تحديد أسعار الاراضى وأسعار العقارات والشقق السكنية حسب هوى ومزاج وعبث المتاجرين والمضاربين واللاعبين سواء لأغراض شخصية , أو ربما لتنفيذ أجندة محددة ومعدة سلفًا وبدقة .

وقد حاولت الدولة جاهدًا التواجد فى هذا السوق , ولكن تواجدها جاء بطريقة تقليدية بيروقراطية عن طريق مشروعات كبرى كمشروع اسيوط الجديدة أو مشروع الهضبة الذى تم تسميته مدينة ناصر , الا ان الفشل هو سيد الموقف , لعدة اسباب كان من الممكن تفاديها مسبقًا .

فمشروع أسيوط الجديدة , ولد ليتعثر بسبب نقص الخدمات , فلك ان تعلم ان المدينة التى تم أنشاؤها فى الصحراء فى التسعينات لتضم عشرات الالاف من العقارات , لم يتم إقامة قسم شرطة بها سوى هذا العام فقط لا غير , وكان يتولى الامن فيها عدد من الافراد من القرى المحيطة , فلا مواصلات منتظمة ولا طرق سريعة مفتوحة تربطها بباقى مدن المحافظة , ولا مصالح حكومية ولا مشروعات توفر فرص عمل , ولا شئ من مقومات الحياة الاقتصادية فيها , مجرد مساكن فقط لا غير , ولذا أصبح من الطبيعى ان تجد أكثر من سبعة الاف شقة سكنية شبه خاوية فى هذه المدينة بسبب الخدمات والمواصلات.

ثم جاء مشروع الهضبة الذى تبناه محافظها الاسبق اللواء نبيل العزبى, كمشروع الامل , ليوجه صدمة أخرى للمواطنين المصريين فى أسيوط , وهو مشروع إنشاء تجمع بشرى تنموى على مساحة 24 مليون متر مربع كمرحلة أولى فقط , ويقع على مسافة 6 كيلومترات من مدينة أسيوط , وكان من المفترض ان يقضى نهائيًا على المضاربات العقارية فى أسيوط , ويكون نموذجا تنمويا فى صعيد مصر كلها , الا ان الرياح جاءت بما لا تشتهى سفن الاسايطة .

فقد تم التعامل معه بمنطق تاجر العقارات أو مبدأ أستغلال الفرص المتاحة , وتم الاعلان عن أسعار صادمة لقطع الاراضى السكنية فى المرحلة الاولى من المشروع , ولا أعرف من وراء هذه الاسعار الكارثية التى بددت حلم حصول الشباب على قطعة أرض فى صحراء أسيوط الشاسعة , هل هو السيد وزير الاسكان أم السيد محافظ أسيوط , أم من وراء القرار ؟

لكننى أعرف شيئًا واحدًا هو ان وتيرة البناء على الارض الزراعية فى اسيوط سوف تزداد , ولن يوقفها شئ , لأنه لم يعد أمام الناس أرخص منها , ولا يوجد بديل أمامهم غيرها , بعد ان أعلنت أسيوط عن أسعار الاراضى فى مشروعها الجديد , فمتر الارض 1500 جنيه , والبناء على خمسين بالمائة فقط , دور أرضى واول فقط لا غير .

أى ان تكلفة المتر الذى يتم بناؤه هو 3 الاف جنيه , اذا قمنا بتحميل الخمسين بالمائة الاخرى , وهى تكلفة أعلى من تكلفة الارض على المبانى فى معظم مناطق مدينة أسيوط , أما متر العمارات فهو 1800 جنيه , والبناء على خمسون بالمائة , أرضى وثلاثة أدوار فقط لا غير , أى أن تكلفة متر الارض فى الشقة هو 1200 جنيه , وهى أيضًا تكلفة عالية جدًا بالمقارنة بباقى المحافظة.

لقد كانت الهضبة أو مدينة ناصر بأسيوط حلمًا جميلًا لشباب أسيوط فى عام 2010 , تحول الى كابوس على شباب أسيوط فى عام 2017 , ونسأل الله ان ينزاح عنهم بتدخل مباشر وفورى من السيد الرئيس عبد الفتاح السياسى , وأعادة تسعير الاراضى بما يتناسب مع مقدرة الغالبية العظمى من شعب أسيوط الحقيقى .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط