- وكيل الأزهر الأسبق: مقترح توثيق «الخطوبة» لا علاقة له بالشريعة
- لا مانع من توثيق الخطوبة بـ«شرط واحد»
- توثيق الخطوبة يفتح باب الخطيئة لأصحاب النفوس الضعيفة
- «3 نصائح» لنائبة مقترح توثيق الخطبة بعقد
- الشريعة حددت حقوق وواجبات فترة الخطوبة ولم تعرف توثيقها
من جملة التجديد والمقترحات والمشاريع، التي فرضت نفسها على الساحات العلنية بكافة المجالات، ارتفع إلى الأفق مقترح لتوثيق "الخطوبة" بعقد، حيث أعلنت النائبة البرلمانية عبلة الهواري، عضو لجنة الشئون التشريعية والدستورية بالبرلمان، عن قرب الانتهاء من إعداد مشروع قانون جديد للأسرة، يتضمن إعادة تنظيم كافة الشئون الخاصة بالأسرة ومشكلاتها، كما يتضمن تعريفا لعملية "الخطوبة"، ووضع قواعد قانونية لإتمامها وفسخها، بحيث تنظم بوثيقة وعقد مكتوب وموقع بين الأسرتين، وأن يتضمن العقد كافة التفاصيل الخاصة بمرحلة الخطوبة.
وبما أن الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع لقانون الأحوال الشخصية، فإن مثل هذا المقترح لابد من وضعه على كفة الدين لوزنه، وبالفعل هذا ما قرره "صدى البلد"، برصد آراء العلماء في هذا المقترح.
توثيق الخطوبة في الشريعة
قال الدكتور محمود عاشور، وكيل الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية، إن مقترح توثيق الخطبة المطروح بالبرلمان مازال في طور المناقشة، منوهًا بأنه لن يصل إلى النهاية ولن يرى النور.
وأوضح «عاشور» أن هذا المشروع مازال يُناقش ولن يصل إلى النهاية، مؤكدًا أن هذا الأمر لا علاقة له بالشريعة، فالشرع أقر في فترة الخطبة أن يتعارف الزوجان على بعضهما، أخلاقه وعاداته وطباعه وما نحوها من الأمور الأخرى، ولا يختلي أحد منهما بالآخر، وإذا وفق الله بينهما، يتم الزواج، وإن لم يوفق بينهما يُغني الله كل من سعته.
وطرح سؤالًا: «في حال توثيق الخطبة، فماذا يتم عند الزواج؟ هل يوثق بعقد جديد أم يُكتفى بعقد الخطبة؟»، منوهًا بأن الخطبة هي فرصة للتعارف فقط ولا ضرورة للإلزام فيها، ولا مجال له في الشريعة.
«شرط واحد» لتوثيق الخطوبة
واتفق معه الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، منوهًا بأنه إذا كان مقترح توثيق الخطبة المطروح بالبرلمان يهدف إلى منع الخطيبين من التلاعب بالخطبة، فلا مانع منه بشرط واحد.
وأضاف أنه من المفترض إن أي مشروع يكون له هدف معين، في رأيي إذا كان الغرض منه عدم تلاعب الطرفين بالخطبة والنص على ذلك في مشروع القانون فلا مانع منه، بشرط ألا يكون أحد أشكال الإلزام لهما.
وتابع: فإذا كان الغرض من توثيق الخطبة إلزام الخاطب أو المخطوبة بالخطبة، فهذا يُنافي حقيقة الخطبة، لأنها وعد بالزواج ومقدمة وتمهيد لعقد الزواج، وتوثيقها يعني ذهاب الخطيبان إلى المحكمة والتقاضي، بما يدخلهما في إطار الخصومة والانتقام، وهو على عكس الطبيعي المفترض في هذه المرحلة التي هي للتفاهم والتعارف.
يفتح باب الخطيئة
وحذر«الجندي» من خطورة مقترح توثيق عقد الخطبة، مشيرًا إلى أنه قد يُستخدم بصورة خاطئة، حيث يعتبر الشاب أن توثيق الخطوبة هو عقد للزواج وبموجبه يُطالب الفتاة بحقوقه الزوجية.
ونوه بأن قواعد الشريعة الإسلامية توافق على توثيق الزواج لصيانة الحقوق، بما يطرح السؤال ما هي الحقوق المترتبة على توثيق الخطبة، فبمقتضاها يثبت للطرفين حقه تجاه الآخر، قائلًا: أخشى استخداما خاطئا من جانب الشاب والفتاة للخطبة في حالة التوثيق، ووجود علاقات بينهما تحت عنوان التوثيق.
ونبه إلى أنه قد يُقنع الشاب خطيبته بأنه زوجها بموجب عقد الخطوبة الموثق بالقانون وعلم الناس، ثم تُفسخ الخطبة، بما قد يدفع البعض من ضعاف النفوس الذين يستغلون ذلك إلى عدم المُضي قُدمًا في إكمال مشروع الزواج، بعد الدخول في علاقة زوجية، قد ينتج عنها أطفال يضافون إلى قضايا إثبات النسب أو إلى أطفال الشوارع.
«3 نصائح» لنائبة توثيق الخطوبة
وأكد «عضو مجمع البحوث الإسلامية»، أنه يجب أولًا دراسة مقترح توثيق الخطبة جيدًا وليس نظريًا وإنما من واقع استقراء الحالات التي نجدها في الواقع العملي، والاطلاع على ما في المحاكم من قضايا إثبات النسب، موضحًا أنه ينبغي على من تقدموا بهذا المشروع الذهاب إلى محاكم الأسرة ونظر قضايا إثبات النسب الكثيرة، والتي وصلت أعدادها إلى مئات الآلاف، وثانيًا الإلمام بأنواع الزواج الكثيرة الموجودة حاليًا من زواج الدم والمسيار والزواج الصيفي بالبحر الأحمر والغردقة، وزواج المتعة.
وأفاد أنه لابد من النظر في ماهية المصلحة التي تتحقق من وراء التوثيق، وما الأضرار المترتبة وطريقة تلافيها، وإمكانية تقنين هذا المشروع بدون أضرار، كنصيحة ثالثة، خاصة في ظل وجود شباب لا يعي متطلبات الدين الإسلامي في علاقة لها قدسية مثل علاقة عقد الزواج، لافتًا إلى أن الشباب ليس لديهم الوازع الديني الذي يجعلهم يلتزمون بذلك في حالة التوثيق للخطبة، بما يدفعهم للدخول في علاقات زوجية قد يكون نتيجتها أطفال.
وأكمل: بما يحتم ضرورة التفكير جيدًا في هذا الموضوع، حيث إنه شرعًا من حق الخطيبين ترك الآخر، فماذا يكون مصير الأطفال، بما يزيد من أطفال الشوارع.
حقوق وواجبات فترة «الخطوبة»
ولفت "الشحات الجندي" إلى أنه لا توجد سوابق في الشريعة لتوثيق الخطبة بعقد، وإن كانت قد حددت مجموعة من الحقوق والواجبات على الطرفين في تلك الفترة، مشيرًا إلى أن من تلك الحقوق أن الخاطب يُقدم لخطيبته الهدايا، وهي نوعان هما هدايا متمثلة في الشبكة، والأخرى في الهدايا بالمناسبات، وكذلك في المعاملة، حيث ينبغي أن تكون باحترام متبادل بين الطرفين، وعلى الشاب أن يعلم جيدًا أنها ليست زوجته، وأن العلاقة في مرحلة الخطبة ينبغي أن يسودها التعارف والتفاهم، دون تجاوزات.
وأشار إلى أن هذه المسألة اجتماعية ولا مانع منها في الشريعة، في حالة وجود وعي ديني قوي بالمجتمع، مشيرًا إلى أنه لا مانع منه إذا كان يُحقق المصلحة، فإذا كان كل طرف يعرف حقوقه وواجباته جيدًا وعلى قدر وفير من الدين بالوفاء بمتطلبات هذا التوثيق للخطوبة، بما يُحقق المصلحة، فلا تمنع منه الشريعة الإسلامية، فمن حيث المبدأ لا مانع مع تهيئة الظروف وتوعية الناس المُقدمة على ذلك وإقامة الضوابط والضمانات لما سيحدث من أضرار لذلك.