الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شرباص..قرية مصرية تعوم وسط الإهمال والفوضى


تنزف شوارعها إهمالا نراه على وجوه سكانها أوجاعا 

إنها نموذج فقط لما يقع في الريف المصري اليوم من فوضى شاملة على يد الإدارات المحلية الفاسدة التي آثرت الاختباء خلف مكاتبها فلا تقوم إلا لقبض الرواتب نهاية كل شهر في منظومة نهب منظم لموارد الدولة بلا مقابل وكأن المشهد أصبح سنة مصرية يريدون ترسيخها لتنتج لنا عبر الاقتداء بها حزم الكوارث التي تحيط بنا في كل ناحية تقريبا وحول كل الملفات التي تعصر المواطن وتصعب عليه حياته .

ولنقدم لكم هذه القرية المسكينة والمستكينة على شط النهر كنموذج بعد غيابي عنها لعدة سنوات لنرى في أحوالها عجبا يقول بما يكفي أننا نمضى بحياتنا نحو التشرد والشتات بعدما قطعنا كل صلاتنا بالمستقبل تقريبا فكرا وإدارة ووعيا بما يتطلبه هذا المستقبل من جد وكد وبصيرة ونشاط .

وقبل التعريج على الموقع الجغرافي وما يحاصر هذه القرية من إهمال وفوضى وسط غياب كامل لكل الإدارات التي تمثل الدولة وتعمل بها وعلى رأسها المجلس المحلى والجهات المختصة بشئون البيئة والتعليم والصحة والأمن ... تعالوا لنلقي نظره على موقعها الجغرافي لنعرف إلى أي مدى نحكم على مستقبلنا بالفناء تحت أقدام الفساد والإهمال والفوضى ...!!

نستطيع أن نطلق على هذه القرية التابعة لمركز فارسكور بمحافظة دمياط مصطلح جغرافي يصفها بأنها شبه جزيره .. فماء النهر يحاصرها من جهات ثلاثة إذا تأملت في موقعها على الخارطة .

لتعرف حينها أن لوكان هذا الموقع من نصيب حارة في اليابان أو حيا في ألمانيا أو تجمع بشري في فرنسا أو بريطانيا لحولها أهلها مع أنظمة الإدارة المحلية إلى منتجع يحج إليه طلاب الجمال والجلال والسحر وعشاق الطبيعة .

فيما تحولت قريتنا التي جردوها إلى ثكنه مغلقه بحواريها الضيقة التي خاصمت التنظيم الغائب وأراضيها الزراعية التي انبطحت للنهب العمراني العشوائي وساحاتها ودروبها الخانقة التي أصبحت مقالب للمخلفات والقاذورات التي تنشر بروائحها النتنه الأمراض والأوبئة ولا أحد يقلب نظره فيما يحيط بالقرية وهي ملقاة كالميت بين يدي إدارة محليه تعاني من الفساد والإهمال والفوضى والإعاقة الذهنية الغير قادرة على الخلق أو الإبداع أو مواجهة مشاكل القرية المتراكمة وسكانها الذين يتزايدون بلا منطق ويتوسعون بلا رؤيه وينهبون أراضيها الزراعية لدرجه سنصل بها إلى مرحله انتهاء الأرض التي تطعمهم ويعمل بها معظمهم ...!!

لا يستطيع أي قادم إليها إلا أن يلاحظ كم الإهمال الذى سيصادفه من البداية حول تراخي المجلس المحلى في القيام بدوره وغيابه عن مهامه وهو يترك كل شيء عبثيا وقذرا ومهملا بل وكوبري القرية ومنفذها البري الوحيد محتلا بمن سيطر على مداخله من الباعة الجائلين وبكم السيارات الثقيلة التي اتخذت الطريق الوحيد والشريان المؤدي إليها وهو محتلا بعدما تحول بالمخالفة إلى مواقف تتزاحم مع من خرج على القانون من أصحاب المحال والمقاهي وغيرهم ممن يملكون طرقا خلفية للتراضي وقد احتلوا مواقع الري والصرف المغطى ليحولوها إلى مستعمرات أمام منازلهم تضيق على الناس مساراتهم وتوحي أننا حيال فوضى منظمه تعرف طريقها وتلزم الناس بقانونها .!!

وفضلا عن احتلال شاطئ النهر وما يتعرض له من عدوان وعبث وقهر وقد حجبت رؤيته تقريبا عن أهل القرية فإن بعض الساحات الخلفية فيها وبين السكان قد تحولت إلى مقالب للنفايات وأماكن لتجميع مخلفات المنازل وما ينبعث عنها من روائح تغذى الفيروسات وتتحدى الصحة .. بل الأغرب من ذلك هو تنظيم سوق شعبي أسبوعي في هذه المنطقة ليفترش الناس وسط أكوام القمامة بضائعهم ويمارس السكان وسط الروائح النتنه مشترواتهم .!
ولم يتوقف المشهد هنا بل طال الإهمال الإدارة الصحية التي تتخلف عن العمل مساء وتتكاسل نهارا عن تقديم الخدمات الصحية اللازمة لمواطنين قطعت حيلتهم وكثرت مشاكلهم .

ليكون منتجا جيدا مشاهد كتلك لكل سلوكيات البلطجة التي أصبحت ظاهرة مؤذية تحتل القرية اليوم ولم تكن موجوده قبل عدة أعوام فاصبحنا نسمع عن جرائم قتل وتحرش وشرف .. وقضايا سرقات وعنف تتعرض لها المصالح المختلفة وتطارد مواشي الفلاحين وممتلكاتهم .

والازدحام الذى غاب عنه تنظيم ومتابعة المجلس المحلي الذى ترك الناس لحالهم يقضون وسط العثرات أيامهم حتى خرجت علينا الضفادع الثلاثية القدم المسماة بالتكاتك يقود الكثير منها صبيه لا وعي عندهم مسلحين بالسيوف والسنج وهي تصيح بموسيقى مؤلفه من أبواق السيارات في الليل كما النهار دونما نظر لمريض أو طفل رضيع أو عجز قعيد أو ألم يدور في الرؤوس باحثا عن الهدوء ... ليرافقها شذوذ وفظاعات الباعة الجائلين بمكبرات الصوت من بداية الصباح إلى ما بعد دخول الليل وهم يمزقون الهدوء والسكينة بالصياح على بيع البصل أو تسويق الباذنجان والجزر ...!!

المشهد برمته يحكي أننا وسط فوضى سيطرت بأظافرها على الريف المصري الذى كان ناعما ومتنفسا ومتناسقا وجميلا ولم تترك ناحية إلا وقد مستها بدائها تحت إشراف إدارات محلية موروثه ترى كل هذا الفساد والإهمال وتصر على أن تغمض عينها ..!!

لنجد أنفسنا حيال مشهد كهذا مضطرين إلى تسطيره ليكون بعهد أجهزة المحافظات وعلى مكتب الرئيس كي يتخذ الإجراء عبر أجهزة رقابية لتنشيط المشهد الإداري المحلى بتخليصه من الفساد والفاسدين كي تعود مصر بريفها وحاضرتها إلى صباها كأجمل ناصية تحتل بقعة عبقريه في كوكب الأرض .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط