الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مشروع تغذية المدارس ... وعشة الفساد


يُصر هذا النوع من الإفساد على أن يعسكر في بلادنا خلف تخمة من المهارات الفردية التي لا يتقنها غيرنا خاصة بحرفية التلاعب بالقانون والقفز فوق النظام وتدويخ الفضيلة وهتك عرى الشفافية والنظم المساعدة لحقوق الأفراد في الاستقرار وحقوق الأوطان في التحضر والنهوض ..!

لقد كلفتنا كثيرا ولا زالت شهوة المكاسب الشخصية التي استوطنت خلف فساد معظم العاملين في الجهاز الاداري للدولة العتيقة والمحتاج على عجل للتصفية والتطهير..!

ذلك الجهاز المصاب بالتسوس والعفن وهو يمارس مهامه وسط ترسانة متناقضة ومُعوِقة من القوانين الموروثة والمتراكمة و التي يحمي بعضها بعضا في تحد واضح للدولة الرقمية ونظم المستقبل التي يغيب منها أهل الرشاوي والروتين والتعقيدات المريبة التي لا زالت تحتفل بها دولة الدوائر الورقية والأرفف الحديدية إلى اليوم .

يختلف هذا الفساد الذى يستوطن أعماق الجهاز الإداري نوعيه ورائحة وسماكه من وزارة إلي أخري فيتجلى إهماله في الصحة وينبعث تسممه من الزراعة ويتلوى كالحية في المالية ويختبئ خلف الأرقام في التجارة ويهرول خلف مساحيق التجميل في الإعلام ويتحلق حول البلطجة والتسكع في التربية والتعليم ويتصادق مع السفاهة في حوارينا التي تستقبل في النهاية كل هذه المخرجات الرديئة والتي نرى كل آثارها فيما يحاصر الوطن اليوم من فوضى كسرت خاطر الفضيلة ....!!

نعيش ونبقي ليُرينا هذا الزخم كل يوم أحد صوره ومواهبه..
وما أن تظفر بعض الجهود بوقفة إنسانيه من مؤسسه دولية ساعيه لمؤازرة الوطن أو عامله على منحه بعض المساعدات كمؤسسة الفاو مثلا حتي يشرئب على أطراف أصابعه الفساد وسدنته متسلقا صروحها ناهبا خيراتها حتي لا يصل للمستفيد النهائي إلا سمومه وأذاه ...!

وقد رأيناه كحلقة تلتف كما الحرباء حول ما يسمى بمشروع تغذية المدارس ومصانعه المنتشرة في عدة محافظات مصريه تنتج مئات الألوف من الوجبات الجاهزة لطلاب المدارس ليضيع فيها آلاف العاملين من الموظفين بين عدة وزارات وجهات كل جهة تتبرأ منهم وترميهم على الجهة الأخرى حتي ضن الاطمئنان من منح أي شعور بالاستقرار لأي من العاملين البسطاء في مشروع تغذية المدارس وهم بالألوف حياري بعد تهديدهم بالتشرد الذي ينتظرهم وغياب أمل التثبيت في أعمالهم الذي يعيش بين أعينهم كأحد آمالهم.
 
مصريون من كل الفئات يتوزعون على عدة محافظات يدهم عن القدرة مغلولة في مواجهة ثلاث وزارات تلاعبهم وتخدرهم بالأماني وهم وزارة الزراعة التي تتولى التصنيع و الإنتاج ووزارة التربية والتعليم المستفيد من الخدمة والمتلقي للمنتج ووزارة المالية المكلفة ماليا بضبط إيقاع الرواتب وبالتعاون مع القوى العاملة والتنمية الإدارية لخلق وتصميم سلم وظيفي يستوعب هؤلاء العاملين في المشروع وقد تُركوا مع أسرهم للضياع وسط غياب جهة أبويه تتبني مطالبهم بعدما تخلفت سلطات الحكم المحلي عن دورها وحولتهم لوزارة التربية والتعليم التي بدورها عادت بهم إلى وزارة الزراعة ليستمر مستقبل العاملين معلقا في حواري هذا المشروع ..!!

هذا جانب تدور حوله الشبهات فيما يختص بملف الموظفين وحقوقهم المهددة تحت بنود عمالة مؤقته وترسانة من الأوراق التي يضطرون للتوقيع عليها قبل البدء في العمل حتى لا ينالوا أي حقوق حال التقاضي .. فنحن حيال جهات تعرف ماذا تصنع وكيف تصطاد فريستها !

علاوة على ما يدور بأروقة المشروع من فساد في الإنتاج على أكثر من صعيد ونملك على ذلك مستندات تظهر جملة من الحقائق التى تخبرنا عن أسباب التسمم الذي يتعرض له طلاب المدارس على أثر تناولهم لوجبات مغلفه كتب عليها وزن 100 جرام بينما هي لا تزن إلا 72 جراما ...!!

ووسط بيئة انتاجية مخمليه مهمله تُنتهك فيها كل الضوابط الصحية بل أبسطها فناتج احتكاك المكائن يضاف لعجينة الإنتاج والعجوة الفاسدة المنتهية الصلاحية في بعض الأحيان ما يقتاته الطلاب داخل القطع المقدمة لتلاميذنا الصغار ..!!

والتساؤل الآن نضعه على مكتب الرئيس ...
كيف يُترك مشروع بهذه الأهمية ممزقا بين عدة جهات تضيع في نهايته حدود المسئولية بين المنتج والموزع والمستفيد ويضيع فيه العامل الذي لا يجد الحافز الضامن لمستقبله حتى يندفع للارتقاء بالعمل والانتظام في سلك النظام الذى يحدد كل شيء ابتداء من الالتزام بزي صحي موحد والمحافظة على نمط من النظافة يليق بطبيعة الإنتاج فلا تجرى الفئران مثلا في قدور العجين كي لا يتسمم الطلاب كما حدث من قبل ..!!

ولا يتم إجبار الموظف فيه على العمل بمهنة غير المتفق عليها والمؤهل لها داخل العقد بحجة حاجة العمل ليقوم المدير التنفيذي مثلا بإجبار مناديب التوزيع على الدخول بشكل غير نظامي داخل صالات الإنتاج ليمارسوا عملا غير أعمالهم فتكون النتيجة منح الفساد فرصة من جميع الاتجاهات لن تكون بدايتها قد تكونت حول سرقة السائق للوجبات ولن تنتهي بعدم تأمين الوجبة حتى تصل لوجهتها بمدارسنا الشغوفة في واقع محاصر بالإرهاب بل تتوقف حول البكائيات وارتفاع الأصوات المنددة بتسمم الطلاب .. دون أن يتم فحص المشهد برمته ومن بدايته رغم ما بجوفه من المخاطر المتروكة والمتراكمة .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط