الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نخب تجلب العار.. وفضاء تحول إلى بار..!!


وصل بي الأمر أنني أصبحت أخجل بين رفاقي من القنوات المصرية التي كانت ملء السمع والبصر ..

في أحد لقاءات الرئيس السيسي ... أشار إلى موجة الطغيان الثقافي المصري وأثرها على المحيط الإقليمي عندما كانت مصر تملك موجات الأثير ...

لا امتلاك يعود لقدرة مادية ... بل امتلاك يرجع كله لصفوة إبداعيه في كل مجال تقريبا ..
أداء مقدم النشرة .... لغة وعبقرية قارئ التعليق ... حس وعمق كاتب التقرير ... نوعية البرامج والضيوف والقضايا مع المحاور والزوايا ..!!

الفيلم المصري القديم .. وما فيه من مشاعر الرقي والرقة ومشاهد تجذبك للتحضر والدقة..
الأغنية المصرية القديمة التي كانت تحتل الوجدان العربي من الغناء الوطني إلى الديني ... ومن ألحان الحرية إلى رومانسية العواطف المتدفقة ... من عبد الوهاب إلى أم كلثوم ومن نجاة إلى شادية ومن فايزة أحمد إلى سعاد محمد ....إلخ !

موج كريم في كل مجال أشبه بعبق حدائق مرصوصة من الزهور التي تفوح عطرا وحالة..!
مررنا بحقبة البناء والتحرر ... وحقبة التصنيع والحروب .. وحقبه النهضة وتجميع الأمة حول الفكر القومي العروبي قبل أن يغزونا الإرهاب السلفي الأصولي ...!

وكان الإعلام المصري خادما ومتمكنا وأمينا على الأفكار والرؤي .... وفاتحا للطريق ومرتبا للوعي ومرتقيا بالفكر حول خطط الدولة الرامية إلى النهوض ..

واستمر الوضع هكذا بدولة عبد الناصر وبدايات دولة السادات حتى غزتنا أسواق السماسرة، وأصبحت الأفكار لها سوق والإعلام له سوق والتنافس مع الدعارة فتح طرقا خلفيه لها أسواق وأشواط ...! والتكالب على من يجمع مالا أكثر أصبح أصلا يتفوق على من يقدم فكرا أفضل ...!!

وأصبحت الضحالة والتشويه والسوقية والاضمحلال والسفه سوقا يتعامل بأوراق نقدية تعبر عن الخيانة للمهن والطعن في الإخلاص والقيم وبيع كل شيء ابتداء من الضمير وانتهاء بالمهنية في اسواق من يدفع أكثر على غلاف مجلة وتصوير فيلم وتقديم نشرة وتحليل خبر طوال عهد الفهلوة بدولة مبارك ..! لنستلمهم اليوم بعهد الرئيس السيسي قططا سمانا ..!

تحتل منابر الإعلام والأفكار والدعوة والنشر ومحلات تذويق وتزيين السفه على أنه فكر محلل جبار ....!!
لقد عبر عن هذه الخلطة معظم الوجوه التي تطل على شاشاتنا.. خلطة عجيبة ترى منها عيون الوقاحة عندما تحاول أن تلبس نظارة الوطنية، وتلمح منها أسواق الخيانة لقضايانا عندما يتحول الإعلام على لسان السفهاء الى مطايا لأهواء مختلة لا أراء ناضجة مستلة...

وتشاهد من خلال هذه الفضائيات ألوان السفه كألوان الطيف الثمانية عندما يحاول من لا يعرف شيئا أن يتحدث بلسان محلل سياسي قدير عن قضايا أمننا القومي في اليمن أو البحرين أو لبنان أو سوريا .. أو مساندة الوطن في حربه ضد الإرهاب ليتحول غباءه المسكون إلى ما يشبه من جرع ولده سما يحسبه دواء ..!!

المشاهد تتوالى كفضائح تصفع الفضاء عبر مجموعة من المذيعين ومعدي البرامج الأغبياء ... فليس هناك من يمتلك أي سطر تاريخي .. وليس هنالك من لديه اطلاع على الجغرافيا ولا معرفة بالمجال الجيوسياسي ولا قدرة على فحص الخارطة أو تقليب المخاطر الجادة ولذلك نرى معظم الإعلام المصري يهذي بما لا يعلم ويجلب مع أغبيائه للدولة المصرية مواجع هي في غنى عنها وقد كان يكفيها أن تستريح بسد أفواه هؤلاء المتعالمين بالباطل...

ليس هذا هو الإعلام الذي يجب أن يعبر عن مصر يا سادة في عهد جاء بعد ثورتين ... !!
لا يمكن أن تعبر هذه الرداءة عن بلادي ... لقد وصل بنا الحال أن نخجل من شاشات يحتلها من تربص الجهل بهم فيهوون على رأس الوطن وهم يحسبون بالغباء أنهم يحسنون صنعا ..!!

أغلقوا فوهات الإثم ... كفوا عن دفع عرابين شر ... توقفوا ... ثم أعيدوا التدبر والتفكير قبل ان تمضوا مجددا ..
لقد بلغ سيل السفاهة حدود الجهل متجاوزا إلى حلقات النياحة .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط