الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

النائب الفتوة في المصيدة


في اليوم الأول لالتحاقه بالكلية الحربية ، وقف مئات الطلاب بأرض الطابور يستمعون لرسالة عاجلة، قرأها ضابط برتبة نقيب في الميكروفون ، قال فيها '' السيد اللواء مدير الكلية الحربية ، نما إلي علمي أن طالبًا يدعي ''طارق عبد الناصر حسين'' قد انضم إلي الكلية بصفته مواطنًا مصريًا، ولهذا؛ فإني آمل أن لا يلقى أي ميزة عن باقي زملائه بأي حال من الأحوال، فله ما لهم وعليه ما عليهم، وجميع الطلاب أبناء الوطن متساوون في الحقوق والواجبات، وفقكم الله لما فيه خير الوطن .

ولمزاح بسيط قام به طارق مع زملائه ، عاقبه الضابط المسئول وقتئذ ومنعه من إجازته الأسبوعية ، ولم يصدق الضابط عندما تلقي اتصالا من شقيقه الأكبر يشكره ويشجعه علي الالتزام بالقوانين واللوائح مع شقيقه ومع غيره ، مهما كانت مكانة أقاربهم أو أولياء أمورهم .

الضابط طارق عبدالناصر حسين كان يحصل على جزاءات أكثر من أيّ من زملائه ، ودائمًا ما يحصل على طوابير إضافية، فقد أوصي شقيقه الأكبر بأن تتم معاملته مثل الباقين من أبناء الكلية ، وألا يحصل علي وضع خاص، حتي صار" الضابط طارق " فيما بعد لواء كبيرا بالقوات المسلحة ، بينما شقيقه الأكبر الذي نقصده هو الزعيم جمال عبدالناصر .

هذا هو موقف أكبر رأس ومسئول في البلد مع شقيقه وأقاربه ، لا يعطيهم ميزة ولا يحزنون ، ولم نسمع أن شقيق عبد الناصر قال لرئيسه أنا هعرّفك إزاي تجازيني وتمنعني من أجازتي ! ولم نسمع أنه لم يلتزم لأوامر قائده مستقويا بمنصب أخيه الرئيس ، ولا رفع التليفون وكلّم شقيقة رئيس الجمهورية واشتكي له ، ولا قال إنت متعرفش أنا مين ؟ وابن مين ؟ وأخو مين ؟

أما بنت سيادة نائب الشعب الراغبة في دخول جامعة الفيوم غير المقيدة فيها كطالبة ، وبعد ما تم توقيفها ورفضت مشرفة الأمن دخولها إعمالا للقانون ، انهالت بنت النائب بالشتائم والتهديدات قائلة "هدخل يعني هدخل ، هو انتوا فاكرين نفسكم جامعة ، إنتم جامعة زبالة ، إنتم متعرفوش أنا مين ! أنا هوريكم وأنا هتصل ببابا وهخليه يفصلكم يا شوية رعاع يا زبالة، وعندما أمسكت مشرفات الأمن يد الشتّامة صاحبة التهديدات ، قامت بصفعهن علي وجوههن وضربهن بالشلوت .

ليحضر النائب الفتوة الذي أقسم علي احترام الدستور والقانون ، ويستقوي بعضلات منصبه كنائب لديه حصانة، فدخل الحرم الجامعي بسيارته السوداء ، ونزل منها وكان معه سائقه وابنته التي قالت "هما دول شوية الزبالة ولاد الشوارع الرعاع اللي ضربوني" وحينها صفع النائب مشرفة الأمن على وجهها، ما أثار حفيظة الطلاب الذين شاهدوا الواقعة ، فحطموا سيارة النائب البرلماني .

سلطة البرلمان وحصانته أوهمت النائب بأحقيته هو ونجلته في ضرب الناس بالشلاليت والبوكس والتلطيش علي الوجوه ، وكأنه عضو بفريق لعبة الكاراتيه أو الكونغ فو وليس بمجلس النواب ، ليقع هو الأخر في مصيدة خرق القانون بالجملة المستفزة " إنت متعرفش أنا مين ؟".

حسنّا ما فعل وزير التعليم العالي الدكتور خالد عبد الغفار ، عندما تحقق من تورط النائب وابنته من التقرير الذي أرسله له رئيس الجامعة الدكتور خالد حمزة بشأن الواقعة ، فقرر إلغاء التصالح المشين في حق الجامعة الذي جري بين المشرفة المضرُوبة والمشتومة مع النائب ، بل وقرر أن ينحاز للعاملة البسيطة ويكرمها ليُطَيّب خاطرها، وفي نفس الوقت يحافظ علي قدسية الحرم الجامعي بإحالة الموضوع للنيابة ، وإبلاغ مجلس النواب للتحقيق مع النائب .

نعم لدولة القانون التي لا تفرق بين الوزير والخفير ، نعم لدولة القانون التي تحمي البسطاء من أنياب أصحاب السلطات والمال ، نعم لدولة تعامل مواطنيها كأسنان المشط الواحد فالكل سواسية أمام ميزان العدل .

نعم لك يا وزير التعليم العالي..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط