الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الحكومة وبرنامج سيسى كير


منذ عدة سنوات كتبت عن حلم وجود تأمين صحى لكل مواطن مصرى، وتمنيت أن يكون لدينا برنامج تأمين صحى مصرى على غرار البرنامج الأمريكى أوباما كير.

 وكتبت وقلت إن الرئيس عبد الفتاح السيسى لو لم يفعل شيئًا للمصرين غير هذا البرنامج، فسيكفيه ليكتب اسمه بأحرف من نور فى قلوب المصريين، فيكفى أن الإنسان المصرى الغنى أو الفقير يعيش مطمئنًا بأنه إذا مرض وعجز عن دفع تكاليف العلاج الخاص أو مرض أحد من يعولهم فسيجد العلاج المناسب، فما أقسى أن يموت الانسان أو يموت من يحب لأنه لم يستطع شراء دواء أو إجراء عملية أو سداد قيمة أجر الطبيب، وما أكثر موت المرضى الفقراء فقرًا.

وهذه الأيام يبدو أن الحكومة بدأت تفكر جديًا فى تنفيذ مشروع التأمين الصحى للجميع، فقد قرأت تصريحات منسوبة للسيد الدكتور وزير الصحة يتحدث فيها عن مصادر التمويل، وهو ما داعنى للحديث عن هذا الموضوع مرة أخرى.

 فقد فوجئت بما أعلنه سيادته عن طرق تمويل المشروع ، فهى كما جاء فى الأخبار معظمها مصادر غير متجددة وغير مستدامة، وهو ما يتعارض مع األف باء متطلبات استمرار عمل التأمين الصحى المزمع تنفيذه، لأنه بحاجة إلى تمويل مستمر وليس تمويلا مؤقتا يكفى لمدة عام أو عامين فقط.

أضف إلى ذلك أن بعض مصادر التمويل المقترحة، تتعارض مع سياسة الدولة لتشجيع الاستثمار، وسياسة الدولة لتشجيع الشباب على العمل الخاص.

فقد اقترح الوزير أو الحكومة , فلا أعلم بالضبط من صاحب هذه الأفكار بالتحديد، أن يتم فرض رسوم تراخيص قدرها نصف مليون جنيه على كل رخصة شركة أومصنع أدوية أو مستلزمات طبية أو توزيع جديدة، وربع مليون جنيه عند التجديد، وهو شئ عجيب، لأنه لن يؤدى إلا إلى مزيد من الضغوط على المستثمرين الصغار، ولن يضيف شيئًا يُذكر الى مصادر تمويل مشروع التأمين الصحى الشامل، لسبب بسيط هو أننا فى مصر وفى أى دولة فى العالم لا يتم افتتاح شركة أومصنع أدوية كل يوم أو حتى كل شهر.

لذا فإن الحصيلة من هذه الرسوم ستكون مجرد نقطة فى بحر النفقات الكبرى المتوقعة للمشروع، ولكنها ستكون فى نفس الوقت سد مائى منيع أمام الشباب الراغب فى دخول سوق توزيع أو تصنيع المستلزمات الطبية المصرية، والفائز الوحيد فى هذه المنظومة هم مستوردو المستلزمات الطبية من الخارج، أما الشباب فبدلًا من دفع نصف أو ربع مليون جنيه للحصول على رخصة، سيفتتحون بهذا المبلغ شركة استيراد وسيستوردون من الخارج دون عناء.

وكذلك اقترحت الحكومة أن يتم تحصيل عشرين الف جنيه مع كل رخصة صيدلية جديدة، وعشرة آلاف جنيه مع كل رخصة عيادة جديدة، وهو أيضًا شئ غير مُجدى على المدى القريب أو البعيد، والاجدى منه أن يتم تحصيل مبلغ ثابت سنويًا من كل عيادة أو صيدلية يتناسب مع الدخل , كأن يتم تحصيل ما يعادل نسبة معينة من قيمة الارباح المحققة , لا أن يتم مساواة صيدلية تحقق صافى ربح أكثر من مائة الف جنيه شهريًا بأخرى لا تبيع بنفس المبلغ سنويًا، ولا أن يتم مساواة عيادة فى كفور الشمال أو نجوع الصعيد بعيادة فى منتجع سياحى.

وكما ذكرت فإن ألف باء استمرارية أى مشروع دائم هو استمرارية تدفق الأموال فيه، وما لم تضمن الحكومة مصادر تمويل حقيقية ومتجددة للمشروع، فسوف يتعثر كما تعثرت المستشفيات العامة عن تقديم العديد من الخدمات الطبية والعلاجية نتيجة نقص التمويل , فالمستشفيات العامة كانت تقدم الخدمة الطبية والعلاجية الشاملة للجميع بالمجان , فى وضع يتشابه مع التأمين الصحى الشامل لكل إنسان مصرى، وكانت ملجأ لكل المرضى الفقراء والبسطاء فى مصر، ولكن دورها تراجع مع الوقت نتيجة نقص التمويل المادى.

ولذا أتمنى ولا أملك غير التمنى , ان يتدخل السيد الرئيس ويراجع مع الحكومة مصادر تمويل المشروع بما يضمن وجود مصادر دائمة ومتجددة للانفاق عليه بعيدًا عن مبدأ أحيينى النهارده وموتنى بكره , فبدون ضمان أستمرارية مصادر التمويل سيتم تفريغ المشروع من مضمونه عامًا بعد عام بما يتعارض مع أبسط اهدافه , وهو توفير حماية طبية دائمة لكل انسان مصرى على أرض مصر.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط