لم تكن فترة حكم محمد علي باشا خاصة الأولى بعد توليه حكم مصر في 1805 سهلة فقد أرهق المصريين بالضرائب الكثيرة وهو ما أغضب الفلاحين وبعضهم ثار عليه إلا أن أهم الشرارات في تلك اللحظة كانت من دلتا مصر حتى اضطر محمد علي باشا إلى الذهاب بجيشه إلى المنوفية ليتمركز ويخمد ثورة الفلاحين هناك.
يقول الكاتب الصحفي عماد أبو غازي ووزير الثقافية السابق في مقال له: « كان أهالى المنوفية فى حالة ثورة ضد نظام الضرائب، وبعدها قام أهالى الصعيد بثورة كبيرة ضد الباشا استمرت لعدة أسابيع، اضطر معها محمد على إلى إرسال جيشه الجديد لقمع هذه الثورة بوحشية».
ويضيف أبو غازي: «خلال سنوات قليلة أصبح محمد على بدون منافسين فى مصر، خصوصا بعد مذبحة القلعة الشهيرة التى ذبح فيها عشرات من المماليك، وتفرغ لتنفيذ مشروعه الطموح فى الاستقلال بمصر عن الدولة العثمانية والسيطرة على أكبر مساحة ممكنة من ممتلكاتها العربية وضمها إلى ولاية مصر. وفى سبيل تحقيق هذا الهدف كان لابد من إنشاء جيش قوى، وصناعة حربية تدعم هذا الجيش، وتطوير الزراعة لتوفير موارد مالية كافية لتحقيق أحلامه. كل هذه الأمور كان ثمنها باهظا على أبناء الشعب المصرى الذى تمت تصفية قيادته، كان الثمن: سخرة وقهرا واستغلالا، حتى بناء الجيش الجديد الذى اعتمد على أبناء الفلاحين المصريين، تم تكوينه بأساليب نفرت المصريين فى البداية على الأقل من الدخول فى الجندية، وبعد أقل من عشرين سنة على الثورة التى قام بها المصريون لتنصيب محمد على حاكما عليهم».
رواية أخرى ما يقولة المؤرخ المصري الدكتور عماد هلال في كتابة :« الفلاح والسلطة والقانون»: «لم يكن الأمر مقصورًا على مجرد ترديد الأمثال، فهناك أيضًا الأفعال، وقد أخذ عنف الفلاح صورًا عديدة بداية من التشاجر مع الخفير أو المشد، ونهاية بالثورة المسلحة، وقد استمرت تلك الثورات وحركات العصيان بشكل شبه متواصل، وكان القضاء عليها يستلزم إرسال آليات كاملة بمدافعها ومعداتها، ومنها على سبيل المثال ثورة فلاحي الصعيد على حكومة محمد علي في ابريل 1824، وهي الثورة التي قضى محمد علي عليها بشق الأنفس.
ويضيف هلال: «تمرد قرى قسم زاوية المصلوب ببني سويف الذي تزعمه ناظر القسم بنفسه متحالفًا مع مشايخ القرى في فبراير 1838، وكذلك التمرد الذي قام به أهالي ناحية الكريمات بقسم أطفيح ببني سويف، وأهالي قرية الحاج قنديل بمديرية أسيوط في أواخر عام 1838، والعصيان الذي عم قرى مديرية الشرقية كلها في مطلع سنة 1840، وكان محمد علي يحرص على ارسال قوات أجنبية من الباشبوزق و السواري التركية، وأحيانًا من العربان لقمع تلك الثورات، ولم يرسل قوات من الفلاحين أبدًا كما زعم البعض».